رئيس التحرير
عصام كامل

من طمي النيل.. يا نجم

ما زلت أذكر ذلك اليوم الذي اصطحبتني فيه إحدى صديقاتي وقت أن كنا طالبتين في كلية الإعلام إلى  نقابة الصحفيين والحريات أيضا في مبناها القديم لحضور حفل أقامته للفاجومي أحمد فؤاد نجم ورفيقه الشيخ إمام قبل أن يختلفا.

 

لم أكن أصدق أنني وفي هذه السن الصغيرة أجلس أمام هذين المبدعين في الكلمة واللحن، فحتى ذلك الوقت لم يكن في ذاكرتي السمعية سوى كلمات أبي عن الفاجومي، وترديده لبعض قصائده التي تحمل نقده اللاذع لأوضاع وأحداث سياسية واجتماعية عبرت عنها كلماته بكل دقة وإحساس وصدق.

 

سمعتهما يشدوان (مصر يا أمة يا بهية) وغيرها من تلك الكلمات والنغمات التي انتقلت معها إلى عالم ساحر لم أدخله من قبل، عالم ينير لك ما أظلم من عقلك.. يشعل بداخلك حماس لا تعرف مداه.. يفتح نوافذ بصيرتك على أفكار تعرفك واقعك وتفاصيل أحداثه.

 

من يومها عقدت صداقة فكرية مع الفاجومي أحد سادات شعراء العامية عشقت كلماته.. واحترمت مشواره.. وأيدت نضاله من أجل معشوقته الحرية.. وصدقت وصفه لنفسه (أنا مواطن شايل في قلبه وطن).

 

حياة أحمد فؤاد نجم

للفاجومي أحمد فؤاد نجم تجربتين اعتبرهما الأكثر تأثيرا في إبداعه وحياته ألا وهما اليتم والسجن.. فقد قضى نجم فترة من طفولته وصباه في ملجأ للأيتام، لآنه وبعد وفاة والده لم تستطع والدته (صديقته فيما بعد) الإنفاق عليه.

 

وكانت الحياة في الملجأ أحد الروافد التي أثرت حياة الفاجومي بتجارب أضافت لشخصيته بعد التمرد وجعلته يعيش حياة الصعاليك، كما قال الكاتب الصحفي المبدع الراحل صلاح عيسى في كتابه شخصيات لها العجب.

 

أما السجن فله خصوصية في مشوار الفاجومي.. ففي مرة سجنه الأولى، وكما قال هو (إكتشفت الشاعر الذي ذاع صيته من المحيط إلى الخليج، وكل حته على الأرض بتتكلم عربي) كتب نجم ديوانه الأول.. صور من الحياة والسجن.

 

وبعد أن دخلت السياسة عقل أحمد فؤاد نجم بدأ في نضاله بالكلمة ضد كل ما هو مثقل لكاهل البسطاء ومقيد للحرية عشقه الأول، وربما كان ذلك سببا في دخول الفاجومي السجن مرتين آخريين.

 

عندما نتجول في إبداع أحمد فؤاد نجم نجد القصيدة السياسية ذات الكلمات التي اعتبرها من أروع قصائده ألا وهي عن موضوع الفول واللحمة:

(يا دكتور محسن يا مزقلط

يا مصدر يا غير مسؤول

حيث أن أنتو عقول العالم

والعالم محتاج لعقول

إحنا سيبونا نموت باللحمة

وأنتو تعيشوا وتاكلوا الفول)

 

أغانى الفاجومى

وعندما كتب الأغنية أبدع كما في أغنية يا بلح إبريم يا سمارة، والتي أرى فيها أحمد فؤاد نجم يتحدث عن نفسه: 

(يا بلح ابريم يا سمارة

سواك الهوا في العالي هويت

من طمي النيل يا سمارة وشربت عكاري لما استكفيت

بس أحلويت قوي يا سمارة لما اسمريت قوي يا سمارة)

 

ولم تنج الدراما من إبداع أحمد فؤاد نجم الذي كتب العديد من تيترات البداية والنهاية لمسلسلات كثر منها، حضرة المتهم أبي:

(حقك على عيني

يا ابني يا نور عيني

لأجل الوفا بديني لك عندي بعض كلام

أنا كنت وحداني والدنيا وخداني

عايز ونيس تاني يقاسمني في الأحلام

غريب وأنا في بلدي جبتك تكون سندي

انصفني يا ولدي واصبر على الأيام).

 

 

وأختتم حديثي عن الفاجومي بكلماته التي كتبها في صفحة الإهداء لمذكراته التي حملت عنوان الفاجومي: (إلى بناتي من الممكن ألا تجدن في حياة أبيكم ما يدعوكن للفخر، ولكنكم وبكل تأكيد لن تجدن أي شيء يدعوكن للخجل هذا اعتقادي الذي دافعت عنه ودفعت ثمنه بمنتهى الرضا).

تحية لك أيها الفاجومي في ذكرى ميلادك

الجريدة الرسمية