قمة كلام كالعادة!
القمة العربية انفضت كالعادة ببضع توصيات كلامية باهتة وضعيفة لا ترقى لمستوى التحديات ولا المعاناة والكارثة الإنسانية في غزة.. الأمر الذي يجعلها قمة كلام كالعادة لا تنطوى على فعل واحد.. هى قمة أقرب إلى تسجيل موقف من فعل شيء يصنع مثل هذا الموقف ويجعله حقيقة وواقعًا يردع مجرمى الحرب الإسرائيليين عن إرتكاب مزيد من الإبادة الجماعية بحق شعب أعزل!
مستوى التمثيل الرئاسي للدول العربية لم يكن كاملًا؛ فبعض القادة والزعماء لم يحضروا بأنفسهم للقمة، بل أنابوا عنهم رؤساء وزراء أو وزراء لإلقاء كلمة لا تسمن ولا تغنى من جوع؛ وهو ما يعطى دلالة واضحة بأن القمة لا تمثل أولوية قصوى على أجندة هؤلاء الغائبين من القادة؛ ربما لانشغالهم بما هو أهم، أو لاعتقادهم بأن القمة مجرد مكلمة لا يتجاوز سقف القاعة التي انعقدت فيها.
بعض القادة الحاضرين كان يلقي كلمته ثم يغادر الجلسة فورا تاركًا وزيره على رأس وفد بلاده.. بما يؤكد أنها قمة كلام، الغاية منها تسجيل موقف والسلام!
قرارات باهتة
توصيات القمة العربية لا ترقى لمستوى القرارات الجماعية التي تستجيب لطموحات الشارع العربي الذي لو تركت له الفرصة لرأى قادة الاحتلال والقابعون في البيت الأبيض ما يسوءهم ويقض مضاجعهم؛ ومن ثم فهي مجرد دعوات تزيح المسئولية عن كاهل قادة الأمة لتلقي بها تارة في حجر مجلس الأمن الدولى لإعادة النظر في موقفه بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية كاملة العضوية استجابة لرغبة الجمعية العامة للأم المتحدة، التي اتخذت مواقف أقوى وأكثر وضوحًا من الجامعة العربية..
أو تلقى بها تارة أخرى في حجر إسرائيل بدعوتها إلى وقف العدوان الإسرائيلي على غزة فورًا وخروج قواتها من جميع مناطق القطاع.. أو تلقى بها في جعبة المجتمع الدولى باقتراح باهت غير قابل للتنفيذ وهو نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ما لفت نظرى أن كلمة الأمين العام للأمم المتحدة كانت أقوي من كلمات بعض الرؤساء، ولم يتراجع الرجل عن مواقفه الشجاعة التي أعلنها منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة بالقول إن المقاومة حركة تحرر مشروعة، وأن ما فعلته كان رد فعل طبيعيًا لتضييق وحصار مارسه الاحتلال لسنوات وسنوات ضد أصحاب الأرض!
للأسف القمة العربية ليست على المستوى الذي ينشده المواطن العربي من المحيط إلى الخليج، ورغم ما تمتلكه الأمة من مقومات وأوراق قوة لكنها لا تستخدمها؛ حتى بعد مضى أكثر من 225 يومًا من الحرب، وكأن ما تدفق من الدماء وما وقع من الدمار والخراب لا يكفى لإعلاء الصوت بكلمة كفى، واتخاذ أبسط الإجراءات ولو دبلوماسيًا ليستشعر الاحتلال الغاصب المعتدى الذي لا يزال يحتل أرضًا عربية في دول عدة، ليستشعر جدية الرفض العربي الرسمي لما يرتكب من جرائم ومجازر..
للأسف مازلنا نمتلك أسلحة كثيرة لكن لا نستخدمها ربما ضعفًا أو عمدًا، رغم أنها أنسب اللحظات في التاريخ لإلزام عدو مهزوم ومأزوم بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وقطع الطريق على أطماع يمينه المتطرف الذي لا يتورع عن التصريح بضرورة إبادة غزة بالسلاح النووي.. فماذا ينتظر العرب.. لا أدرى! الشعوب لم تعد راضية عن القمة.. ولا تتابعها.. فهل يكون ذلك نهاية انعقادها؟