رئيس التحرير
عصام كامل

متعة الريال والبايرن.. والعك في ملاعبنا!

عندما نشاهد مباريات الدوريات الأوروبية نشعر بامتعاض وغصة؛ فشتان الفارق بين تلك الدوريات الممتعة لعبًا وتحكيمًا وجمهورًا وإعلامًا ونقدًا رياضيًا، ومؤتمرات صحفية يحرص عليها المديرون الفنيون للأندية الأوروبية ليعترفوا بأخطائهم حال الهزيمة، وفي حال الانتصار لا يخرجون عن نطاق التواضع واحترام الخصم وهو ما نفتقده عندنا كثيرًا.


وكم تمنيت حين شاهدت مباراة ريال مدريد مع البايرن أن تتحسن منظومتنا الرياضية، فنجاح هذه الأندية في تقديم أداء ممتع وشيق لم يأت من فراغ؛ فاللياقة البدنية والذهنية العالية للاعبين والمدربين والحكام، والدقة في الأداء قاسم مشترك يحوز كل فريق الحد الأدنى منه؛ وهو ما يجعل الموسم الرياضى هناك ساخنًا يصعب التنبؤ بنتائجه النهائية إلا مع آخر مباراة في المسابقة؛ سواء كانت دوريًا محليًا في أي بلد أوروبي أو دورى أبطال أوروبا!


 أما عندنا فلا لاعبين بتلك المهارة والقوة البدنية ولا حكام ولا حتى جماهير تتمتع بروح رياضية كالتي نراها مثلا في ملعب الإنفيلد في مؤازرة ليفربول أو غيره من الأندية الإنجليزية.. ترى ما السبب في روعة الأداء الرياضي الأوروبي وتخلف الأداء في منظومتنا الرياضية؟!


تتعدد أسباب النجاح هناك.. وتتعدد في المقابل أسباب الفشل هنا؛ لكن كلمة السر في أي نجاح هي الانضباط الرياضي الذي نفتقده هنا للأسف لاسيما في الألعاب الجماعية وأهمها بالطبع كرة القدم..
آفتنا الكبرى أن الأندية، كبرت أو صغرت، ترى نفسها فوق المنظومة وفوق إتحاد الكرة وهو ما ينعكس على السلوكيات في ملاعبنا ومدرجاتنا والتي لا مثيل لها لا في الدول المتقدمة ولا حتى المتخلفة.. 

 

فثمة انفلات كثيرًا ما يغض اتحاد الكرة الطرف عنه، وثمة ظاهرة أتصور أنها لا توجد بمثل هذه الفجاجة والعشوائية إلا في مصر، وهي تهديد الأندية الكبرى من حين لآخر بالانسحاب من البطولات المختلفة إذا لم تسر الأمور وفق ما يروقها؛ يستوى في ذلك الأهلى والزمالك وغيرهما.. ناهيك عن الاعتراض الدائم على الحكام سواء من اللاعبين أو حتى الجهاز الفنى في مباريات كثيرة واستهتارهم أو استهانتهم بقضاة الملاعب خصوصًا المحليين.. 

 

والاعتراض الدائم على قراراتهم والإصرار الكبير على استقدام حكام أجانب للمباريات المهمة؛ رغم صعوبة توفير العملة الصعبة لهؤلاء الحكام، فضلًا عن الالتفاف على اللوائح ومخالفة اللاعبين لبنود التعاقد مع الأندية حتى تفاقمت الشكاوى ووصلت للمحكمة الرياضية الدولية والاتحاد الدولي اللذين يخرجان بقرارات مشينة تمس سمعة الكرة المصرية.. 

انضباط الشارع الرياضي

ناهيك عن شيوع أجواء التعصب والكراهية في المدرجات بين الجمهور وهي أجواء ملتهبة وغير صحية يغذيها إعلام رياضي أكثر سوءًأ، تسوده العشوائية ويغيب عنه التخصص والموضوعية حتى صار كل من هبّ ودبّ مذيعًا يفتي فيما يعرف وفيما لا يعرف.. والنتيجة فساد المنظومة الرياضية وضعف المنتج الرياضي وسوء النتائج على المستوى الدولي وحرمان مصر من المنافسة وحصد البطولات الكبرى.. باستثناءات محدودة لا يمكن القياس عليها!


فكيف نتوقع مع مثل هذا الانفلات أن يأتي الأداء ممتعًا لا يشوبه البطء وضعف الياقة وانعدام الكفاءة وغياب التخطيط والنفس الطويل والروح الرياضية بعكس ما نراه في الدوريات الأجنبية لا سيما الدوري الإنجليزى الذي يصعب التكهن بالبطل حتى إطلاق صافرة آخر مباراة للمتنافسين على المراكز الأربعة الأولى!


متى ينضبط سلوك الشارع الرياضي؛ ومتى تتحقق العدالة داخل المستطيل الأخضر، ومتى نجد اتحاد كرة لا يجامل ولا يهادن أو يغض الطرف عن أي تجاوز من أي مؤسسة أو أشخاص بأي نادٍ.. متى يعود الانضباط إلى ملاعبنا.. ومتى يتحلى إعلامنا الرياضى بالموضوعية والنزاهة وأن يتصدر الشاشات أصحاب العلم والكفاءة وليس أصحاب الوساطة والنفوذ والمصالح والبيزنس؟!

 


أما الحقيقة التي لا يجب تجاهلها..فهى التقدم الحاصل في الدوري السعودي.. من انتظام والتزام وتطبيق للقانون علي الجميع.. وعدم التأجيل إرضاء لأي ناد مهما كانت الأسباب!

الجريدة الرسمية