الجحود ونكران الجميل آفة الوسط الفني! (1)
قديمًا قال الشاعر العباسي العبقري أبو الطيب المتنبي: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته/ وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا.. فالاعتراف بالجميل ورده بأحسن منه من شيم الكرام وأصحاب النفوس العالية السامية، التي لا تتغير مطلقًا حتى لو وصلت إلى قمة السلطة والقوة والنفوذ والشهرة والمال..
أما نكران الجميل والجحود فهو من سيمات أصحاب النفوس الوضيعة الخسيسة، التي عندما تصبح في وضع القوة والشهرة والمال والنفوذ تحاول بشتى الطرق أن تنسى أو تتناسى ماضيها البسيط البائس، وتتجاهل كل من يذكرها به وكان شاهدًا عليه، وتأبى أن تمد يد العون لكل من عرفها في ماضيها التعيس، حتى لو كان ممن كان لها عونًا ومعينًا على تجاوز ظروفها الصعبة الماضية.
آفة الوسط الفني
رغم أننا سمعنا وقرأنا عن نماذج لعدد من النجوم في العصر الذهبي للفن، الذين حققوا شهرة عريضة وجنوا ثروات كبيرة قبل أن تنقلب الدنيا عليهم، وتتبدل أحوالهم تمامًا ويصبحوا فريسة للمرض والفقر والجحود ونكران الجميل في أواخر حياتهم، التي إنتهت نهاية مؤلمة، أمثال إسماعيل ياسين وعبد الفتاح القصري وعبد السلام النابلسي وعلي الكسار واستيفان روستي وميمي شكيب وغيرهم..
إلا أن هذه الحالات والنماذج لا تكاد تقارن بما حدث ويحدث في الوسط الفني في السنوات الأخيرة، من حيث الكم والكيف، حيث أضحى الجحود ونكران الجميل سمة رئيسة وآفة أساسية بين أهل الفن، يكتوي بها معظم الفنانين وصناع الفن خاصةً أصحاب التاريخ المخضرمين، ممن كان لهم أيادي بيضاء على أغلب فناني الأجيال الحالية..
وأصبحنا لا نرى الفنانين مجتمعين إلا في المناسبات العامة والمهرجانات والحفلات فقط ونادرًا ما تجدهم في الملمات أو عندما يتعرض أحدهم لمرض أو مشكلة أو نازلة تحل به!.
عتاب نجوى فؤاد ليسرا
لعل التصريحات الأخيرة التي قالتها الفنانة نجوى فواد بأحد البرامج التليفزيونية، والتي أطلقت خلالها لومًا وعتابًا شديدين تجاه النجمة الكبيرة يسرا، حيث زعمت أنها وقفت بقوة بجانب يسرا في بداياتها الفنية وقدمتها بطلة في أول أفلامها مع الولد الشقي حسين فهمي في فيلم ألف بوسة وبوسة إخراج محمد عبد العزيز عام 1977..
وأنفقت نحو 3 أو 4 ملايين جنيه عليها وقتها، ورغم ذلك فهي تتجاهل ذكر فضلها عليها في لقاءاتها الإعلامية، ولم تفكر يومًا في مد يد العون لها بالاستعانة بها في أي عمل فني من بطولتها، ولا حتى تتصل بها وتسألها عن أحوالها!
كما وجهت نجوى عتابًا أيضًا للنجمة غادة عبد الرازق التي كانت تنتظر منها الاتصال بها للاطمئنان عليها في ظروف مرضها، ولم ترد كذلك على اتصالاتها ورسائلها.
خيل الحكومة
ولأن الجحود والنكران صار مرضًا خطيرًا متفشيًا في الوسط الفني يكتوي به الصغير والكبير، فلم يعد مستغربًا أن نشاهد أغلب الفنانين الكبار يعانون ويشتكون من تجاهل النجوم الحاليين والمنتجين والمخرجين لهم تمامًا، وكأنهم أشبه بخيل الحكومة زمان والتي عندما يتقدم بهم العمر ويصبحون غير قادرين على العمل بنفس قوتهم السابقة يتم إعدامهم بلا رحمة!
ومن أبرز هؤلاء الفنانين الكبار.. عبد الرحمن أبو زهرة، توفيق عبد الحميد، أسامة عباس، خالد زكي الذي صرح من قبل أنه يخشى أن يموت مديونًا مريضًا من جراء ندرة الأعمال التي تعرض عليه والتي لا تكفي سداد ديونه وتكاليف علاجه!
وعلى مستوى المخرجين والكتاب هناك قائمة طويلة طواها النسيان والجحود منذ سنوات عديدة منهم.. المخرج الرائد محمد فاضل قبل أن يتذكروه بمسلسل الضاحك الباكي بطولة عمرو عبد الجليل منذ عامين، المخرج القدير جمال عبد الحميد الذي مبدع أرابيسك وفتاة من شبرا وزيزينيا الذي عاد مؤخرًا لملعبه بمسلسل بطولة النجم هاني رمزي يتم تصويره حاليًا..
مخرج مسلسل هوانم جاردن سيتي وحديث الصباح والمساء أحمد صقر، السيناريست والكاتب الكبير محمد جلال عبد القوي مؤلف الروائع التليفزيونية كالليل وأخره وحضرة المتهم أبي، والذي زاد احترامي له بعدما رفض بكل شمم وعزة نفس أن يتعاون مع الشركة الكبرى التي تسيطر على الدراما في مصر، معللًا ذلك بالتجاهل الذي يعانيه وجيله منذ سنوات عديدة!
ولنا في المقال المقبل إن شاء الله تكملة لهذا الموضوع