البحث العلمى يترنح.. والدولة غائبة!
البحث العلمي إلى أين؟ سؤال دائما نردده، ولا نجد أذنا صاغية من المسئولين للإجابة عليه، وكأن البحث العلمي أمر من الرفاهية لا ضرورة منه، ميزاينة البحث العلمي في الكيان الصهيونى، ربما تزيد عن جملة ميزانيات البحث العلمي في دول العالم العربى مجتمعة، والبحث العلمي هو الطريق الوحيد إلى التقدم، والتقدم ليس بركوب السيارات الفارهة، أو بناء العمارات ناطحة السحاب، ولكن العلم يقودنا إلى الخروج من عنق الزجاجة إلى عالم أرحب وأكثر تقدما..
فى ندوة مهمة فى جمعية محبى الفنون الجميلة، عن البحث العلمي وأهميته، في البداية أكد العالم الدكتور محمد رؤوف حامد، أن البحث العلمي لا يحتاج إلى عبقرية، ولكنه يحتاج أن نتمسك بالاخلاق العلمية ونبتعد عن بزنسة العلم، أى لابد التمسك بالنزاهة والالتزام بالقضايا المجتمعية الانسانية الوطنية..
لابد من التمسك بالمنهج العلمى، لأنه أقصر الطرق لتحقيق الهدف من البحث العلمي، لابد من السياقات المؤسسية من خلال الإدارة، والميزانية وجماعية العمل، والرعاية الواجبة، كما أن البحث العلمى يحتاج مثابرة وصبر واستمرارية، في هذه الحالة تكون لدينا الفرصة للتقدم بفضل البحث العلمى.
وتعليقا عن أراء الدكتور أحمد زويل التى كان يرددها، والبعض كان يرى أن مجرد عمل كلية أو جامعة تحمل إسم أحمد زويل، هو نجاح للبحث العلمي في مصر، قال الدكتور محمد رؤوف حامد: أحمد زويل عالم عظيم وكان يعمل معه حوالى 150 عالم، ولكن البحث العلمي لن يتقدم بإسم عالم أو باجتهاد آخر، ولكن لابد من منظومة فكرية سياسية شاملة كل العناصر الفاعلة، ويتم من خلال سياسة شعارها الشفافية.
البحث العلمي وأهمية تطويره
وهنا ذكرت أن جامعة حلوان أنشئت خصيصا لكى تكون جامعة تكنولوجية، ولكن للأسف مع الأيام أصبحت جامعة تضم كافة الكليات وابتعدت عن دورها الأساسى الذى أنشئت من أجله، وهنا لابد الاقرار بأن الأمر يحتاج إلي إرادة الدولة، وبدون هذا لا يمكن أن ينصلح الوضع الحالى..
وقد ذكر الدكتور محمد رؤوف حامد لقاء كان يضم العالم الدكتور ابراهيم بدران، والعالم الدكتور محمد القصاص، والذى قدم في هذا اللقاء خطة حقيقية للبحث العلمي، وتم تقديم هذه الخطة مكتوبة للمسئولين، ولكن للأسف لم يهتم أحد، ولمن لا يعرف فان الدكتور ابراهيم بدران والدكتور محمد القصاص عالمان كبيران ولهما قيمة في البحث العلمي، ففي أحد الأيام سألت الدكتور أحمد مستجير عن العالم المصرى الذى يستحق الإحتفاء عالميا، لم يفكر وقال الدكتور محمد القصاص!
وقد أشار الدكتور أحمد عبدالعزيز إلى الغرب الذى يعطى كل كلمة ثمن ويهتم بها، في الوقت الذى فقدت الجامعات المصرية سمعتها، ولإننا نفتقد البيئة البحثية فأحمد زويل كان يعمل معه 150 عالما، في الوقت الذى نجد فيه في مصر الموظفين يعرقلون الباحث، وطالما لا يوجد منظومة أو مؤسسية يكون لها اليد الطولى، لدعم االبحث العلمي، فلا فائدة، باختصار نحن ضد البحث العلمي الجاد.
وقد شارك فى هذا اللقاء ثلاث عالمات واعدات هن الدكتورة فاطمة صبرى، الدكتورة خديجة مصطفى، الدكتورة ميادة السيد، وعرضت كل منهن المعاناة التى تواجه الباحث للحصول على الماجستير أو الدكتوراه، وكشفن أوجه القصور في العلاقة بين الباحث والزملاء الاكاديمين، وأصبح الحصول على درجة الماجستير يتكلف أكثر من عشرين ألف جنيه..
وقالت الدكتورة فاطمة مصطفى: أتمنى أن يكون هناك رؤية مؤسسية للبحث العلمي، وقالت الدكتورة خديجة مصطفى: معظم الأبحاث في الاقتصاد توضع على الرفوف، والشركات الاجنبية التى تعمل في مصر تمتنع عن الكشف عن أى بيانات تساهم في الأبحاث، أما الدكتورة ميادة السيد فتقول: الباحث يعانى الكثير من أجل إتمام بحثه إلا أن البحث العلمي هو صورة من صور الإبداع.
ويعود السؤال مرة أخرى: إلى أين يتجه البحث العلمي في مصر؟ وأختم هذا المقال بمقولة رائعة للدكتور محمد رؤوف حامد: لا تظلموا ابناءكم.. لا تظلموا تلاميذكم! أين دور الدولة في إنقاذ البحث العلمي؟!