بدماء الشهداء وجسارة المقاتل المصرى.. عادت سيناء!
أيام وتحتفل مصر بذكرى تحرير سيناء، ودائما يردد البعض لولا كامب ديفيد ما تحررت سيناء، لولا لجوء الرئيس السادات إلى الصلح مع العدو الصهيونى ما تحررت سيناء، هؤلاء مع الأسف الشديد لا يعرفون عمن يتحدثون، إنهم لا يعرفون حقيقة ومعدن الإنسان المصرى..
بالعودة إلى التاريخ، فقد فشل العدوان الصهيونى فى كسر الإرادة المصرية، بل إن خسارة معركة يونيو 67 كانت بمثابة الشرارة التى أشعلت روح التحدى لدى الشعب المصرى قبل قيادته وقبل المقاتل الذى يواجه العدو على خط النار..
يقول اللواء محمد عمر أحد أبطال انتصار أكتوبر العظيم: عندما عدت من الجبهة في 67 إلى غرب القناة وجدت كل الجنود والضباط في حالة من الذهول والحزن، فصرخت فيهم، وطالبتهم بالخروج للشارع حتى يعرفوا أن الشعب بالرغم مما حدث إلا أنه يريد الثأر والحرب وتحرير الأرض، وهذا لن يكون بالجلوس حزانى، أفيقوا واستعدوا لمعركة الثأر والتحرير من الآن.
الروح المصرية
لقد فشل عدوان يونيو 67 في كسر الإرادة المصرية، وهذه كانت البنية التحتية القوية التى انطلقت منها الدولة ومؤسساتها وعلى رأسها جيش مصر العظيم، وهنا نذكر في أحد المراكز البحثية الألمانية التى أشارت إلى الإنسان المصرى الجريح الذى لم يفقد إرادته وتصميمه على القتال..
وظهر ذلك في معركة رأس العش بعد ثلاث أسابيع فقط من هزيمة يونية، وهذا أعطاه إمكانية العودة لاستعادة الثقة ليعود إلى ميدان الصراع والمواجهة فهو إذن لم ينهزم بل هو أكثر من ذلك ـ استعاد قوته من جديد حتى في إحراز النصر، هذا كان دليلا قويا على فشل حرب يونية 67 في كسر إرادة المصريين.
هذه هى الروح المصرية القوية التى رفضت الهزيمة وأعلنت التحدى ببطولات فذة في حرب الاستنزاف، حيث أشعل رجال مصر الجبهة بحرا وبرا وجوا، دمروا وحرقوا وأسقطوا من العدو أرواحا ومعدات، بطولات رجال مصر فى حرب الاستنزاف تفوق الخيال، وهذه كانت هذه أول رسالة للعدو بأن رجال مصر لن يسلموا باحتلال أرضهم..
هذه الروح هى التى كان البطل المصرى يتحلى بها حتى عبور القناة في أكتوبر 73، لقد ذاق العدو الصهيونى طعم الهزيمة في حرب الاستنزاف، التى أطلق عليها الكاتب الكبير مرسى عطاالله الحرب المنسية، كما نال مرارة الهزيمة في أكتوبر 73، ولهذا تأكد العدو الصهيونى أنه من المستحيل أن يظل محتلا لسيناء، فكانت المؤامرة للخروج بأقل الخسائر من هذه الورطة التى وقع فيها جيش الصهاينة..
فهو الذى ذاق الذل على أيدى المقاتل المصرى، فكان لابد من الانسحاب من سيناء، ولكن للأسف كان الانسحاب بثمن غال، الانسحاب كان ثمنه آلاف الشهداء فى حربى الاستنزاف وأكتوبر 73، ثمن الانسحاب خروج مصر من معادلة الصراع العربى الصهيونى، الجميع يعلم أن العربدة الصهيونية سواء في لبنان أو سوريا.. إلخ ما كانت لولا خروج مصر من معادلة الصراع.
ونحن على بعد أيام من ذكرى تحرير سيناء، علينا أن نوجه التحية للشهداء الذين رويت سيناء بدمائهم، والتحية للأبطال الذين أعطوا الدرس للعدو الصهيونى فى حربى الاستنزاف وأكتوبر 73، ولا تصدقوا أن سيناء عادت بكامب ديفيد!