احفظوا حياءهم أمام أولادهم
حين تخرج على المعاش، حين ينحسر دورك، حين تعتبرك الدولة راكبا في عربة ظل مؤقت، سرعان ما ستنزل، حين يذهب مرتبك، ويصير لك معاش، لا يكفى عشرة أيام، حين تصبح في حاجة لموارد جديدة، تترقبها في منح رسمية أو حنان رئاسي، حين تضيق بك العيشة، تستحى أن تظهر في حال التقصير والعجز أمام أسرتك، فاعلم أنك فى وطن يدفن الكبار أحياء، ويكشف سترهم وهم على أبواب المغادرة.. إن هذا حرام ولا يجوز، ولا يرضى الله.
أدعو أي مسئول إلى متابعة طوابير كبار السن يترقبون ما تفرزه ماكينات الصرف الآلى، ومكاتب البريد، وجوههم حزينة، وعيونهم حزينة وكفوفهم تقلب الورقات القليلة وهى تهز رأسها وتحمد ربها، متوكلة على أن الله سيتصرف ويدبر الأمر، بديلا عن الحكومة!
نعم ارتفعت المعاشات لكن الأسعار متوحشة لو ثبتت الأسعار وارتفعت المعاشات لهدأت النفوس.. إن أصحاب الرواتب في وجع وفي شكوى وفي غضب، فما بالك بأصحاب المعاشات وعددهم ١١مليونا، أضف إليهم أسرهم، وفي العيلة شبان عاطلون، وشبان عاجزون عن الزواج، لايزالون في بيوت الأب، يعولهم.. وكلنا في مصر وكلنا يعرف هذه القصص التى لا يجب أن تستمر!
لقد رفع الرئيس عبد الفتاح السيسي الحد الأدني للأجور إلى ستة الآف جنيه، وإرتفعت المعاشات، ولم يمر إسبوع حتى نطت الأسعار نطة الغيلان على قوت الناس وأموالهم، في سعرة من أرذل تجار في مصر لعنهم الله!
واليوم، يتطلع الأباء والأجداد المحالون على المعاش بكل الثقة، وبكل اليقين إلى قلب الرئيس السيسي، الذي يعلم الجميع مدى بره بأهله، ليرفع الحد الأدنى للمعاشات إلى ستة الاف جنيه وزيادة العلاوة.. ومن المؤكد ان أجهزة المتابعة ترصد بعين الاعتبار هذا المطلب الشعبي المنتشر علي السوشيال ميديا، يدعو رئيس البلد إلى الاستجابة برفع المعاش ليتساوى مع حديثي العمل..
فالذين خرجوا علي المعاشات أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن، ولما خرجوا وجدوا الفتات، فتقلصت أحلامهم وتضخمت احتياجاتهم، من دواء وغذاء ومسكن وكهرباء وماء وغاز.
معظم كبار السن لايغادرون الكنب، لان مجرد الخروج من البيت يعني فلوس، كما أن القعدة في البيت تعنى فلوس، والأخيرة أولى من الاولى، ويترتب على حياة العزلة الاختيارية هذه أمراض نفسية وعضوية تحتاج علاجا ولا يوجد ما يكفي للطعام حتى!
هذه حياة الناس فى الظل، يمنعهم حياؤهم أن يطلبوا من أبنائهم، لكن الدولة التى تترفق بكبارها وتوقرهم ستحمل عنهم هذا الحرج وتحفظ لهم كرامتهم وتحميهم من صورة مهينة هي مد اليد لطلب العون..
هو موضوع حساس ومحرج ويوجع النفس.. لكن.. هذا هو الواقع.. ولايجوز بهدلة الناس في شيخوختهم وكشف سترهم.. الدولة تعالج الوضع المقلوب.. هذا يقيني باذن الله.