الأسرار الإلهية في مملكة الإنسان (6)
عزيزي القارئ لا زال الحديث مستمرا عن الأسرار الإلهية في مملكة الإنسان. وكنا قد تحدثنا في المقال السابق عن النفس البشرية وأشرنا إلى أن لها أمراض مبطونة فيها قبل أن تتزكي، ومن هذه الأمراض واخطرها على الإنسان الحسد فهو أخطر ما يعاني منه البشر منذ بدء الخليقة وإلى أن تقوم الساعة.
والحسد هو النظر إلى النعمة التي في يد الغير واستكثارها عليه وتمني زوالها، ومبطون في الحسد عدم الرضا عن قدر الله وقسمته ورؤية النفس بأنها أحق بالنعمة التي لدى الغير. وفي الحسد إتهام لله تعالى بالظلم والعياذ بالله.
وقد يغيب عن الحاسد أن الإنسان مبتلى ومختبر في النعمة والابتلاء. والحسد سم من سموم إبليس يبثه في النفوس الضعيفة المريضة الخاوية من الإيمان وغير الراضية بقسمة الله تعالى. ومعلوم أن أول حاسد في الكون هو إبليس عليه لعنة الله فقد حسد أبينا آدم عليه السلام على تكريم الله تعالى له وخلافته في الأرض تلك الخلافة التي تطلع إليها وكان يرى أنه أحق بها من أبينا آدم عليه السلام.
ومعلوم أنه بث سموم الحقد والحسد في نفس قابيل تجاه أخيه هابيل حتى سولت له نفسه قتل أخيه هابيل فقتله. هذا وكم نهى الله تعالى العباد عن الحسد وحذر منه سبحانه في آيات كثيرة منها قوله تعالى (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ). وقوله عز وجل (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ).
وعن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال (الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب). وقوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله (لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا).. وقوله (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحكره ولا يخذله. التقوى ها هنا. وأشار صلى الله عليه وسلم إلى قلبه ثلاث).
هذا وعين الحاسد والعياذ بالله قاتلة لقوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله: (اتقوا سم الأعين).. وقوله (العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين). وقوله (العين تدخل الرجل القبر وتدخل الجمل القدر). وقوله (أكثر ما يميت من أمتى بعد قضاء الله وقدره بالأنفس. أي بنظرة الحاسد).
التحصين من الحسد
هذا ومن الأسباب التي ترد العين المحافظة على الطهارة والوضوء والصلاة والإكثار من ذكر الله وخاصة قول لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، وحسبي الله عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.. وقراءة التحصين والفاتحة وسورة الإخلاص والمعوذتين، وآية الكرسي والصلاة المنجية وهي:
(اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آله صلاة تنجنا بها من جميع الأهوال والآفات وتقضي لنا بها جميع الحاجات وتطهرنا بها من جميع السيئات وترفعنا بها عندك أعلى الدرجات وتبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحيات وبعد الممات).
ومن التحصينات تحصين البسملة وهو (بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله العلي العظيم.. بسم الله خير الأسماء.. بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء.. بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.. بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله.. بسم الله ماشاء الله لا يصرف السوء إلا الله..
بسم الله احتجبت وبحول الله إعتصمت. وبقوة الله إستمسكت فمن أرادني بسوء أو كاد لي بكيد كان بإذن الله ممنوعا مدفوعا. ممنوعا مدفوعا. ممنوعا مدفوعا.. يا حي يا قيوم تحصنت بك فأحمني بحمايتك يا حليم يا ستار وأدخلني يا أول يا آخر في مكنون غيب سرك ما شاء الله لا قوة إلا بالله العلي العظيم..
وأجرني من خزيك ومن شر عبادك وأضرب علي سرادقات حفظك وأدخلني في حفظ عنايتك وجد علي بخير منك يا أرحم الراحمين). عفانا الله تعالى وإياكم من سم أعين الحاسدين.