السيناريو.. صواريخ محملة بالاتفاق!
كان الأمر متفقا عليه إذنا! وبإخطار رسمي من إيران لأمريكا عبر مكتب الاتصال السويسري في طهران، كان الضرب ونطاقه وأدواته معروفا للإدارة الأمريكية، بل وتوقيتاته، وبالتالي تم نقل المعلومات أو بالأحرى رسائل الطمأنة الإيرانية من طهران إلى المكتب البيضاوي والبنتاجون والخارجية الأمريكية في واشنطن ومنهم إلى مجلس الوزراء المصغر في تل أبيب.
منذ الساعات الأولى ليلة أول أمس، مع بدء إيران إطلاق صواريخها الباليستية ومسيراتها المجنحة، أدرك أبسط مواطن عربي، يتابع الحدث، أنها دراما متفق عليها.
أطلقت إيران بعلم أمريكا 110 صواريخ باليستية، أسقطتها القبة الحديدية الإسرائيلية ومنصاتها الدفاعية الثلاث الأخرى، أسقطتها جميعا عدا سبعة صواريخ، بل ويمكن القول أن المقاتلات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والأردنية والألمانية، تعاونت في الرد وإسقاط المسيرات والصواريخ الباليستية.
وتعجب إذ تعجب حين يصل صاروخان فقط إلى صحراء النقب، ويكون المصاب بإصابة بالغة هي طفلة فلسطينية إصابتها بليغة! وتعجب إذ تعجب أن الصاروخين اللذين سقطا على قاعدة عسكرية في مطار رامون جنوب إسرائيل لم يحققا أضرارا بالغة.
الرد الإيراني والرد الاسرائيلي
لم يمت أحد، ولا شريط دخان، ولاعمود أسود شق عنان السماء.. أهي صواريخ محملة بالاتفاق؟
الأعجب، أن ما أدركه بسطاء الناس من وقائع ليلة أول الأمس الهزلية، هو ما أعلنته البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، والضرب شغال أول أمس، من أن العملية انتهت ثم هو ما أكدته الخارجية الإيرانية أمس، إذ قالت في بيان لها إنها أبلغت واشنطن بالهجوم ونطاقه وأدواته قبل الإطلاق بثلاثة أيام!
ومن الواضح أن الصفقة كانت لحفظ ماء الوجه داخل إيران، خصوصا بعد حالة التشنج في التصريحات الثورية الإيرانية، ومن الواضح أن هدف إيران من الإخطار المسبق لواشنطن، ومن ثم إسرائيل، هو الحصول على ثمن من بايدن بالأ يرد نتنياهو على الرد الإيراني!
يؤكد ذلك ما أعلنه بايدن وإدارته من أنه حض نتنياهو ألا يرد، وبعد الحض أعلن بايدن أنه يعارض أي رد إسرائيلي على الرد الدفاعي الإيراني!
غباوة نتنياهو، واقتبس هنا هذا الوصف من جبرتي العسكرية المصرية وخبيرها المفكر الاستراتيجي اللواء دكتور سمير فرج في مداخلته مع العزيزة عزة مصطفى التي سبقت الهجوم بليلة واحدة، أقول غباوة نتنياهو جامحة، وهو يتيحن الفرصة أساسا للرد الكاسح على إيران، لأن الهجوم الدفاعي الإيراني، والهجوم الثأري الإسرائيلي، وفرا له أفضل خدمة سياسية، كطوق نجاة سيق إليه من إبليس والده!
لقد توحدت إسرائيل خلف هذه الحكومة النازية، ولم تعد هناك ضغوط داخل مجلس الحزب، ولا من عائلات الرهائن، ولا مظاهرات في الشوارع ولا حول بيت نتنياهو، ولا ضغوط دولية بسبب غزة ورفح، بل توحد كل الغرب خلف حكومة نتنياهو وشارك في صد الصواريخ الفارغة تقريبا، وبذلك طال عمره السياسي على نحو مثير!
والآن تقول إيران أنا التزمت برد يحمي الأمن الإقليمي، ولكنها سوف تتحرر من المسئولية تجاه المنطقة لو ردت إسرائيل..
أتصور أن المفاعلات النووية الإيرانية.. هدف أساسي للرد الإسرائيلي.. إن أخفقت ضغوط واشنطن على الغبي قلبا وقرارا بنيامين نتنياهو.. عطية الشيطان!
والمفارقة أن إسرائيل تتهم إيران بخرق القانون الدولي وهي من يخرقه خرقا طول الوقت.. بطبيعة الحال كان العرب المجروحين مما يحدث في غزة يتمنون لو نالت إيران من إسرائيل وألحقت بها خسائر فادحة، وحققت التوازن.. لكن للأسف.. ولا قتيل واحد إسرائيلي!
ننتظر. نتابع.