حق الفقراء فى الإسلام
من يقرأ القرآن الكريم بقليل من التدبر يجد أن الزكاة كفرض على المسلمين قد إقترنت بالصلاة التى هى عماد الدين فى إثنين وثمانين آية، فالزكاة هى الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة، ببساطة شديدة من لا يؤتى الفقراء حقهم من الزكاة غير مكتمل إسلامه، لكن الواقع يقول أن كثير منا للأسف لم يكمل إسلامه.
مع القرارات الاقتصادية التى بدلت حياة أغلب الناس على مدار عقد كامل، هبط كثير من مستوى الدخل لدى الطبقات الوسطى وتحولت لطبقات فقيرة بمعنى الكلمة، تكابد شظف العيش حتى تبقى مستورة أمام الغير وتحفظ ماء وجهها، تضاعفت أسعار السلع والخدمات بمعدلات فلكية قياسية..
فهناك مثلا من كان يستطيع شراء بجنيه فول، الآن لا يوجد أقل من 10 أضعاف هذا ليأكل أبسط وأدنى وجبة شعبية ولا يشبع.. فما بالك إن تاقت نفسه يوما لقطعة لحم مثل بقية خلق الله أو تجاسر وحاول شراء دجاجة أو كيلو سمك أو بعضا من البيض!
وفى المقابل هناك من إغتنى من أزمات الناس وأثرى من فقرهم وصار يملك ثروات ضخمة، لكنه لا يخرج زكاة ماله ولا يكمل إسلامه، جل ما يعرفه عن الدين المثل الذى يقال عند الزواج بأن فلان أكمل نصف دينه، وهذا لا أساس شرعى له بينما الزكاة وهى الفرض الذى أمر الله رسوله بأن يقاتل فى سيبيلها لضمان حق الفقراء ركن ركين من الدين وبدون يكون المسلم ناقص الإسلام وليس الإيمان الذى هو مرحلة أعلى.
الزكاة التى تطهر المال وتطهر نفس المؤمن وحياته وطريقة إكتسابه للمال، صارت كما مهملا ومتجاهلا عند الكثيرين وإلا ما رأينا كل هذا البؤس والهوة السحيقة بين حياة الأثرياء وحياة الفقراء والمساكين وصغار الموظفين، ولا يحسبن الغنى أنه يجود بماله على الفقير بل هو مال الله..
وقيمة الزكاة التى تبلغ ربع العشر من المال الزائد عن الحد وعن حاجات الغنى كل عام، لا تمثل أى إقلال لثروة الأغنياء بل هى بركة له ونماء، فالرسول الكريم عليه صلوات الله يقول الزكاة ضامنة للرزق وأن الصدقة تطفىء غضب الرب وتقى مصارع السوء.
دولة بين الأغنياء
(مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)
تلك آيات الله الواضحة التى لا تحتاج لتأويل، والتى تؤكد على استحقاق كافة المسلمين لثروات بلادهم وعدم تداولها قصرا بين النخبة صاحبة النفوذ والقوة وحرمان بقية المسلمين منها، تقدمية فكرية وعدالة وجرأة فى الحق وثورة على الباطل سبقت كل إشتراكيات العالم بأكثر من14 قرن من الزمان..
ثم تجد تحديد مصارف توزيع الثروات بين اليتامى والمساكين بكل وضوح، فالمستضعفين دوما هم فى أول صفوف المسلمين من الأهمية وليس العكس كما هو حادث فى أغلب دول العالم.. هكذا يعلمنا الإسلام على مستوى الدول والأفراد كيف يكون الإنفاق ومن هو أولى بالرعاية.
Fotuheng@gmail.com