الفن وسنينه
المغرد.. برنامج يغرد خارج السرب!
مقال اليوم لن يكون اعتياديا كأغلب المقالات السابقة، ولن أتناول فيه مسلسلات رمضان بالتحليل، بل اعتبره مقالًا استثنائيًا سأعرض فيه لتجربة شخصية لي في مجال العمل الإعلامي حدثت مؤخرًا ومازالت أصدائها تتداعى وتسعدني واعتبر نفسي محظوظًا بها.
يقيني أن أساس أي نجاح وتميز هو الإيمان بفكرة ما أو هدف ما، والإخلاص لها والعمل الجاد والدؤوب على تحقيقها. فقد خضت العديد من التجارب الصحفية والبرامجية عبر نحو 30 عامًا، كانت أغلبها والحمد لله ناجحة وموفقة ومختلفة وهي تلك التي أمنت بها وصدقتها وأخلصت لها، أما التي كنت مضطرًا لها لأسباب لا داعي لذكرها فلا مجال لتذكرها أو أذكرها رغم أني تعلمت واستفدت منها ولم أندم عليها.
توأمي شريك النجاح
إذا جاز لي أن أدعى بأنني قد لامست النجاح في مسيرتي الصحفية والبرامجية الممتدة منذ بداية التسعينيات حتى الآن، فالفضل يعود إلى الله سبحانه وتعالى أولًا وقبل كل شيىء، ثم إلى صداقتي وشراكتي لأخي وتوأمي الكاتب الصحفي هاني صلاح، الذي كان له نصيب الأسد من المشوار الحافل بالبرامج التليفزيونية العديدة التي تشاركنا فيها وأخلصنا لها..
والتي يعدها الكثيرون من البرامج المتميزة المختلفة ومنها على سبيل المثال لا الحصر، نجومنا في اليابان عام 2002، والذي كانت بطلته الفنانة القديرة العزيزة نشوى مصطفى، التي أبدعت في إيهام الضيوف من كبار النجوم بأنها مذيعة يابانية أبًا عن جد! وأنتجه الصديقان العزيزان محمد عبد الحميد ومحمد سمير، الذان أسسا بعده الشركة الناجحة فيردي للإنتاج الفني..
وبرنامج ليالي الراي تقديم النجم الكبير شريف منير عام 2004 وإخراج الفنان عمر زهران، ولا ننسى تجربتنا سويًا في برامج التوك شو الصباحية من خلال قناة الغد أول قناة إخبارية عربية من القاهرة، ولكن من أكثر التجارب البرامجية التي نعتز بها هي تجربة برنامج اليوم على قناة الحرة الأمريكية، لأنها كانت أكثر شمولًا وانفتاحًا، حيث استضفنا بدبي مكان التصوير الرئيس، معظم نجوم الفن بمختلف فروعه من كافة الدول العربية، وكنا المنتجين والمعدين لفقرات الترفيه الفنية بالقناة على مدار أكثر من 5 سنوات.
الكل يغرد
المغرد، هو أحدث طبعة من البرامج التي تجمعني برفيق دربي وشريك مشواري هاني صلاح، والذي يبث حاليًا على قناة أبو ظبي، حاصدًا نجاحًا كبيرًا والحمد لله ومحدثًا ردود أفعال إيجابية واسعة في مصر والإمارات وباقي الدول العربية، بل وبعض حلقاته تصدرت المراتب الأولى والأكثر مشاهدة في فئة البرامج الحوارية على مستوى الإمارات والوطن العربي وفقًا لشركة Ipsos العالمية للأبحاث.
وهو ما يؤكد عمليًا مرة أخرى على أنه عندما تتوافر عوامل ومقومات النجاح والتميز الحقيقية والقوية لأي عمل، فإن النتائج تكون مبهرة بل وقد تفوق التوقعات في بعض الأحيان. وفي تصوري أن أول هذه المقومات في تجربة برنامج المغرد هي الفكرة والتي أبتكرها الإعلامي الإماراتي القدير عامر جساس، والتي لم يتم تناولها من قبل في الفضائيات العربية..
حيث تنقل ما يدور في منصات التواصل الاجتماعي موقع X تويتر سابقًا إلى شاشات التليفزيون
عبر استضافة نخبة من كبار المشاهير العرب من مختلف المجالات.. السياسية والاقتصادية والإعلامية والثقافية والفنية والعلمية، في حوارات غير تقليدية تفتش في أهم تغريداتهم التي أثارت تفاعلات كبيرة وردود أفعال كثيرة ومناقشتهم فيها وكشف أسبابها وغور أسرارها وأسرار هؤلاء المشاهير.
وبالطبع الفكرة الجيدة تحتاج بالضرورة إلى ناقل جيد لها ومعبر عنها وهو ما أظن أن الإعلاميي
المثقف الواعي بقيمة الكلمة التي يغرد بها ضيوفه عامر جساس قد نجح إلى حد بعيد في هذه المهمة.
لا شك أن حسن اختيار الضيوف وتنوعهم يعزز فرص النجاح، وتلك كانت مهمتنا الأساسية أنا وهاني صلاح بالاشتراك والتنسيق مع مقدم البرنامج وإدارته، وقد راعينا الشعبية الكبيرة وحجم التأثير وعدد المتابعين الذي يحظى به كل ضيف من هؤلاء الضيوف على موقع X..
وكانت قائمة ضيوفنا تضم عددًا من كبار المشاهير من مصر منهم.. الفنانة والإعلامية القديرة صاحبة السعادة والحضور الطاغي إسعاد يونس، التي أخذت قلوب الجميع ببساطتها وكشفت الوجه
الآخر لعلاقتها بالسوشيال ميديا، والإعلامي اللامع الذي يرفض لقب إعلامي ويري نفسه صحفيًا ومقدم برامج فقط محمود سعد والذي كان حواره أشبه بالسهل الممتنع..
ونجم الكرة والإعلامي الرياضي ميدو الذي كسب احترامنا جميعًا بجرأته وشجاعته فيما يقول من آراء خاصةً حول إصلاح أحوال الكرة المصرية وتصحيح مسارها، والكاتب السيناريست والشاعر الجميل الدكتور مدحت العدل الذي كان كعادته عنوانًا للرقي والثقافة والتواضع والشاعرية..
أما الأديب الكبير إبراهيم عبد المجيد ابن الإسكندرية فعن عمقه وسلاسته وتواضعه فحدث ولا حرج، ومن نجوم الفن تألقت الفنانة الجميلة شكلًا وروحًا شيرين رضا ببساطتها وعفويتها وروحها المرحة، كذلك الفنان الذي لا غنى عنه في كثير من الأعمال الفنية الشاعر أبو دم خفيف وعقل راجح واعي ومثقف القدير صلاح عبد الله، إضافةً إلى كل هؤلاء المبدعين هناك انفراد يحدث لأول مرة في
الإعلام العربي سيكون مفاجأة بكل المقاييس..
عنوانها الاحترافية
هذه التجربة الإعلامية عنوانها الرئيس الاحترافية التي إتسم بها كل من شارك بها وأخلص لها بدءًا من مقدمها الإعلامي عامر جساس ومرورًا ب المنتجة المصرية شعلة النشاط دنيا كمال والمنتج الفني محمد جابر ومدير التصوير يامن وباقي الفريق وراء الكاميرا وانتهاءًا بالمخرج الهادىء المنجز المتميز صاحب الباع الطويل في عالم البرامج الناجحة والشهيرة لكبار الإعلاميين أحمد جمعة.
وأخيرًا لا يمكن تجاهل أهمية الاختيار الموفق جدًا لمكان التصوير الذي كان من أسباب ظهور البرنامح بهذا الشكل الثري الفخم وهو قصر الطاهرة أحد القصور الرئاسية التاريخية العريقة. خلاصة القول إن الكل في برنامج المغرد يغرد بتناغم فيما بينهم ولكن خارج سرب البرامج التقليدية.