قداسة البابا شنودة الثالث الغائب الحاضر
بالرغم من إنتقال أبينا مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث من عالمنا الفانى إلى عالم البقاء، منذ اثنتي عشر سنة، إلا أنه لا يزال حاضرًا بيننا، وفي عالمنا هذا، وتأكيدًا على هذا، ما قاله القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل كولوسى "فانى وإن كنت غائبًا فى الجسد، لكنى معكم في الروح فرحًا وناظر ترتيبكم ومتانة إيمانكم في المسيح" (كولوسى 5:2)، (اكو 3:5).
لذلك غبطته حاضرة بيننا وفي عالمنا هذا بقدوته وتقواه وقداسته ومهابته، التى لمسناها في حياته، ويشهد لها الجميع.. من جانب آخر هو حاضر بالرغم من غيابه بالجسد وحضوره يتضح من مبادئه الإنسانية التى أرساها، وموافقه العديدة التى اتخذها فى أوقاتها ومناسباتها الخاصة.
ومع ذلك هو حاضرًا بما غرسه في حياة ونفوس أجيال عديدة، وذلك من خلال أعماله الصالحة وفضائله الروحية وتعاليمه المستقيمة، التى قدمها بأساليب وطرق عديدة، وأثمرت في نفوس كثيرين.
لا يفوتنا أن نشير بأن غبطته حيًا بالرغم من غيابه عنا بالجسد، وذلك من خلال حبه وإخلاصه وتضحياته، التى قدمها من أجل الكنيسة والوطن والأقباط في نفس الوقت.
من جانب آخر قدم قداسته تعاليم كثيرة ومواقف لا تحصى، وذلك من أجل خدمة الإنسانية بصفة عامة ومساندة الضعفاء المجربين والمضطهدين وأصحاب الحقوق المشروعة في كل مكان وزمان، بغض النظر عن جنسيتهم أو جنسهم أو دياناتهم أو مذاهبهم أو وضعهم الاجتماعى.. الخ، وذلك عملًا بتعاليمه التى نادى بها دائمًا، ومن بينها قوله: "طوبى للإنسان الذى وهو في قمة تعبه يقدم راحة للآخرين، وهو في قمة حزنه يقدم ابتسامة للآخرين".
ولاننسى أن نشير بأنه حاضرًا بالقيادات الروحية التى أعدها وأقامها طوال فترة حبريته المباركة، لخدمة الكنيسة في الداخل والخارج.. ومع ذلك ترك للكنيسة تراثًا عمليًا روحيًا وثقافيًا وإنسانيًا صدر منه الكثير ونتظر صدور البعض الآخر ولا يزال ينهل من هذا التراث كثيرً من النفوس.
أختم مقالى وبالرغم من غيابه بالجسد عنا إلا أن جسده المقدس والمبارك، يتوارى في مدفن ومزار خاص بدير القديس الأنبا بيشوى العامر بوادى النطرون، يلتمس منه الجميع البركة، ومن خلاله يعمل الرب الآيات والمعجزات مع المرضى والمتألمين، بالإضافة إلى روحه الطوباوية ترفرف على هذا الدير المبارك، وعلى كنيستنا المقدسة، وعلى وطننا العزيز مصر.. بركة قداسته تشملنا جميعًا.