هل تم الإفراج عن سجن القناطر؟!
من يمر بسجن القناطر الخيرية يفاجأ بأن السجن قد تم هدمه، ولم يعد به مساجين، والعمال مستمرون في إزالة مخلفات الهدم أو هدم ما تبقى من العنابر، والغريب ذلك التكتم الشديد على هذا الأمر من قبل الحكومة، مع أن ذلك الأمر ظاهر جلي لكل العابرين؛ مما فتح باب التكهنات والإشاعات عن ذلك الأمر..
فما دامت الحكومة ممتنعة عن الشرح والتوضيح فيكون هنا دور الإشاعات واستغلال الجماعة الإرهابية ذلك لنشر كل ما يثير الناس على الحكومة، من قبيل أن الدولة باعت أرض السجن لمستثمر أجنبي يفعل بها ما يحلو له، وأن الحكومة لا تنشد سوى المال على حساب أرض السجن القديم التاريخي إلخ.
وما علمته من أحد المصادر أن هدم السجن القديم المقام في منطقة من أميز مناطق مصر، حيث يقبع في جزيرة نيلية بين فرعي دمياط ورشيد بمساحة تتجاوز 300 فدان، جاء لتحويل هذه المساحة للاستثمار بنظام الشراكة بين الدولة والمستثمر الأجنبي، حيث ستتحول الأرض إلى منتجع سكني وسياحي فاخر..
وهذا المشروع كنت أسمع عنه من أيام الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث قيل وقتها إنه سيتم تحويل أرض السجن لإقامة مشروعات كبرى، وقد بدأ في تخطيط بناء ميناء بالقرب من السجن لذلك الغرض، لكن كل شيء انتهى بالطبع واختفى ذلك المشروع، حتى تجدد الأمر في هذه الأيام، فقد تم بالفعل هدم السجن بعد نقل كل المساجين إلى سجون أخرى.
مشروع استثمارى ضخم
وقد علمت من بعض المصادر –نظرا لاختفاء معلومات مؤكدة من الحكومة بصورة غير صحية وغير منطقية– أنه توجد مخططات لاستغلال جزيرة القناطر، ضمن مشروع سكني وفندقي فاخر، يرتبط بمشروع جزيرة الوراق الواقعة منتصف مجرى نهر النيل شمال القاهرة، وتشمل المخططات بناء عدد من ناطحات سحاب وخمسة فنادق كبرى فئة سبع نجوم، ومهبط للطائرات الهليوكوبتر، وميناءين نهريين بكل من الوراق والقناطر، يرتبطان بميناء ثالث بجوار المتحف المصري القديم وسط العاصمة.
وأرى أن ذلك سيكون مثل تلك المشاريع الاستثمارية الضخمة التى تم التعاقد عليها مؤخرا، وكلها تصب في مصلحة الوطن من جهة زيادة الريع الاقتصادي والعملة الأجنبية والدخل السياحي ودوران عجلة الاقتصاد في مصر كلها؛ مما ينعكس بالإيجاب على حياة المواطنين، فهذا أمر محمود ولا ينبغي أن يختفي، بل ينبغي أن تسارع الحكومة في توضيح الأمر وإظهار ما يحدث لهذا السجن وغيره من السجون التي تقرر هدمها واستغلال أرضها في الاستثمار، أما سياسة التعتيم فلا جدوى منها، خاصة أن السجناء بالفعل قد تم نقلهم والسجن قد تم هدمه بالفعل.
وفي هذا الصدد تجدر الإشارة أن أرض السجن صارت متنازعا عليها من جهات مختلفة، أولها بالطبع وزارة الداخلية التي ترى أن هذه الأرض ملكها بموجب تخصيصها للوزارة لإقامة ذلك السجن وما يلحقه من منشآت، مثل الورش الصناعية ومزرعة السجن وعنابر المساجين للنساء والرجال إلخ..
بينما ترى وزارة الري أنها الملك الأصيل لتلك الأرض وما يتبعها من ملحقات، حيث جرى التخصيص لبناء السجن، على أرض ومباني حدائق القناطر التي أقيمت في عهد محمد على عام 1839، وأن وزارة الري هي الجهة المسند إليها الإشراف على الأملاك العامة للدولة ذات الصلة بالموارد المائية والري وإدارتها والحفاظ عليها، وضمان عدم إقامة أية أعمال على أملاكها من شأنها التأثير على سريان المياه بالمجاري المائية أو على جسورها أو أعمال الصيانة للمنشآت المائية.
لذلك شكل وزير الري لجنة فنية لحصر أصول أملاك الوزارة من بينها أرض سجون القناطر والمناطق المنتشرة على روافد النيل بالمحافظات، تمهيدًا لعرضها على المستثمرين الراغبين في استغلالها.
وتدخلت جهة ثالثة هي شركة النيل الوطنية للنقل النهري في الموضوع وأكدت أنها الأحق بأرض سجن القناطر الخيرية بعد منحها تفويضًا رئاسيًا بالإشراف على الأراضي الواقعة بمجرى نهر النيل وشواطئه، على امتداد مجرى النهر. وأيا كان الجهة المالكة لأرض السجن فإن الأمر في النهاية سيكون محصلته للدولة وبالتالي للمواطنين.