فعل فاضح في التاريخ العام
إحساسك وأنت تتابع تنافس عواصم عربية حول فكرة الإفراج عن أسرى الكيان الصهيوني يشعرك بأن الفائز من تلك العواصم سيمُنح كأس الكئوس، أو أن أحدهم يناضل من أجل الفوز بسلطانية ذلك الذي نافس علي بابا مع الحرامية الأربعين.
أتابع بخجل تلك المباراة بين عواصم عربية تتنافس فيما بينها على زعامة فارغة لا معنى لها وتنشر بلا خجل أخبارا للإشادة بدورها في عملية التفاوض من أجل الإفراج عن أسرى الكيان المحتل، وكأنها بالفعل فازت بالرضا الأمريكي والدعم الصهيوني وهما جائزتان رفيعتا المستوى والمعنى.
والمعنى أن تلك العواصم العربية لابد لها وهي تطرح رؤيتها أن تذكر في البدء حكاية الإفراج عن الأسرى ثم تزيلها بوقف العدوان على أهل غزة العزل، أي أنها تقدم لنفسها أولا لدى الكيان الصهيوني ثم تضيف عبارة من أجل ستر العورة حول وقف العدوان.
وبلغ الخجل ذروته أثناء متابعتى لقول أحدهم إن حماس من خارج الإجماع الفلسطيني، وأنه يجب محاسبة من مولها وسلحها ودفعها دفعا لتكون قادرة على مواجهة الاحتلال والسعي حثيثا لضرر وقع على إخوتنا من يهود هذا العصر.. عصر الاحتلال والقتل والتدمير وإعادة ملحمة وأد الأطفال.
ليس هذا فحسب، فالعواصم العربية المتنافسة من أجل الإفراج عن أسرى الكيان المحتل تزيل تصريحات مسئوليها بضرورة وقف إطلاق النار الفوري، وقصة الفوري هذه أصبحت فعلا فاضحا على الهواء مباشرة، حيث اخترعها الأمريكان وسار من ورائها العرب والعجم دون تحديد لمعنى الفوري.
وفورى هذه في قاموس المعاني الجامع اسم منسوب إلى فور ويعني عاجل، دون تأخير أو رد فعل فوري، ومنها فكرة الترجمة الفورية أي التي تتم أثناء الكلام، ولو كان معناها كما يفهمه عرب اليوم واخترعه عجم العصر فإن المتحدث سيتحدث وينتظر الترجمة التي قد تأتيه خلال أشهر خمسة أو ستة أو سبعة بناء على التفسير الصهيوني الواقعي الحاصل على الملأ في عدوان غزة.
ويؤسرك حديث العواصم العربية التي تتحدث عن الفور بمعناها الجديد أكثر فأكثر، فيقول أحدهم إننا نرفض التهجير قسريا أو طوعيا، ولكننا سنتعامل مع الأمر الواقع إذا جرت وقائع التهجير التي تخطط لها دولة الاحتلال، وهذا ليس له إلا معنى واحد.. نحن نرفض ولكن لا مانع لدينا.. فعلا كل هذه العواصم تتنافس على فعل فاضح في التاريخ العام.