المُعطىِ المسروريُحبهُ الله
من بركات الصوم الكبير.. العطاء
الأشياء المادية ذاتها لن تبقى، أنما تظهر فاعليتها، لذلك يؤكد لنا الرب المجد على فضيلة العطاء، ويقول "مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ" (أع 35:20)، "من يزرعُ بالشح فبالشح أيضًا يحصد" و"من يزرعُ بالبركات، فبالبركات أيضًا يحصُد، كل واحدٍ كما ينوى بقلبهِ" (2 كورنثوس6:9).
ولكي يوضح إلى أهل كورنثوس مفهموم العطاء المقبول فقال لهم "ليس عن حزن أو اضطرار لأن المعطى المسرور يحبه الرب" (2 كو7:9). لهذا يجب أن يكون العطاء بسرور هو أسلوب المؤمن الذي يدرك معنى نعمة الله في حياته، ويؤكد الله أنه سيهتم بنا ويدبر احتياجاتنا عندما نعطي بسخاء وبقلب مسرور (إشعياء 58:9).
يمكننا أن نتعلم العطاء بسرور عن طريق أعظم شخص معطاء عرفته البشرية في العالم كله وهو السيد المسيح له المجد، فقد ترك غنى ومجد وملكوته السماوي، فإنك أن حزنت وأنت تصنع خير ورحمة، فأنت قاسي القلب وعنيف، وأن كنت حزينًا: كيف تقدر أن تسند الذين هم في حزن؟ هذا هو السبب الرئيسي في توضيح قوله عن الرحمة والسرور، لأنه: كيف يكون حزين الملامح من يتقبل ملكوت الله؟!
من يبقى سيئ النظرة وهو ينال غفران خطاياه؟ إذن لا تفكر إطلاقًا في إنفاقك المال (عمل الخير والرحمة) بل في الفيض الذي تناله خلال الإنفاق، فإن كان الذي يبذر يفرح مع أنه يبذر وهو غير متأكد من جهة الحصاد، كم بالأكثر من يكنز في السموات، فإنك تعطى أنما في القليل يبارك الرب على الكثير..
واليد التي تعطي لا تحتاج أبدًا، أذ يوصينا رب المجد عن أخوته المساكين فيقول "من يسمع صراخ المسكين ولا يستجيب له هو أيضًا يأتى الوقت ويصرخ ولا يستجاب له" (أمثال 13:21)، "أعطوا تعطوا كيلًا جيدًا ملبدًا مهزوزًا فائضًا يعطون في أخضانكم، لأنه بنفس الكيل الذي به تكيلون يكال لكم.. ( لوقا 38:6 ).
بالفعل سعيد هو الإنسان الذى يترأف ويقرض الرب.. (مزمور5:112)، فأعلم تمامًا، أن الله لايحتاج إلى مالك، ولكن الفقير يحتاجه، أنت أعطه للفقير والله سيتلقاه، لذلك أكد لنا سليمان الحكيم فى هذا السياق قائلًا "أكرم الرب من مالك ومن كل باكورات غلتك، فتمتلئ خزائنك شبعًا" (أمثال 10:9).
ويوصينا رب المجد قائلًا "أصنعوا أصدقاء بمال الظلم" ونحن نعلم تمامًا أن الأصدقاء هم أخواتنا الفقراء المساكين المحتاجين، أما مال الظلم، هو حق الله فى مالك الذى منحه لك الرب بكل بركة عن طريق مرتب شغل أومرتب معاش، أرباح نقدية، مكاسب فى بيع أشياء عينية، أي دخل لك، الله له حق فيه (العشور) - قائلًا "أعطو العشور وجربوني"، وهنا الرب يبارك في القليل الذي عندهم..
تعويضات الله بالبركات المتنوعة كثيرًا جدًا أضعاف الأضعاف.. بالفلسين كم فعلت الأرملة وحسبت أنها فاقت من قدم وزنات كثيرة، وذلك بسبب روحها وسخائها المتسع.. الذى يدعو المساكين يدفعه الرب إلى الحنو والوداعة..
إن الفقير لا يمد يده لتعطيه، إنه يمدها لك لكى يعطيك ملكوت السموات، وأنت تلاحظ، أن الصدقة تقدم ليس من أجل مستلميها، بل من أجل الذين يعطونها، لان الذين يعطون ينتفعون بها، وتكون أعظم بركة يحصلون عليها.. ويوصينا المتنيح الأنبا كاراس الأسقف العام عن بركة العطاء ويقول: (أعطوه بسخاء وبكثرة، لأن اليد المعطاة لاتحتاج أبدًا).
أدام الله علينا البركة والخير والمحبة والسلام.