التضخم ومواجهته
البنك المركزي رفع أسعار الفائدة لأكثر من سبب.. من جانب لامتصاص السيولة في السوق في الجهاز المصرفى لينخفض الطلب على السلع فتتجه اسعارها للانخفاض.. ومن جانب آخر لكى يشجع حائزى الدولار على تحويله إلى جنيهات، والاستفادة من معدل الفائدة الذى اقترب من 30 في المائة.
ولكن هل التضخم الذى عانينا منه منذ العام الماضى سببه هو زيادة السيولة في السوق وبالتالى زيادة مفاجئة في الطلب على السلع؟ بالطبع لا.. وإنما سبب هذا التضخم الكبير هو اتجاه الجنيه إلى الانخفاض بنسبة ضخمة، الناجم عن وجود فجوة تمويلية لدينا من النقد الأجنبي ظهرت بعد هروب الأموال الساخنة من أسواقنا دفعة واحدة في العام قبل الماضى، وهى الأموال التى كنا نعتمد عليها في سد الفجوة التمويلية بالنقد الأجنبي التى أصابت اقتصادنا لأننا نستهلك أكثر مما ننتج ونستورد أكثر مما نصدر.
ولذلك يبقى العلاج الناجح للتضخم الذى نعانى منه هو سد هذه الفجوة التمويلية بمزيد من الإنتاج والصادرات، حتى نحمى الجنيه من مزيد من الانخفاض.. أما امتصاص السيولة في السوق برفع أسعار الفائدة فهو غير فاعل في علاج أسباب التضخم الذى نعانى منه، والذى يفوق معدله معدلات التضخم في كثير من بلاد العالم، بما فيها روسيا المنخرطة في حرب مع أوكرانيا والصين التى صدرت لنا الكورونا.
وزيادة الإنتاج تحتاج العكس، أى تخفيض معدلات الفائدة، وهذا ما يفعله الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى ليحمى الاقتصاد الأمريكى من الركود.. ونحتاج تشجيعا جادا وواسعا للمستثمرين والمنتجين ليزيد إنتاجنا وتزيد صادراتنا، وهذا هو دور الحكومة وليس البنك المركزى.