رئيس التحرير
عصام كامل

عندما صلى الأب على نصف جثمان ابنه!

بأيد مرتعشة وعيون زائغة وعقل طار من لوثة الحزن، استقبل الأب مكالمة رجال مباحث قسم شرطة الستاموني بمدير أمن الدقهلية، يدعونه للتعرف على الجزء الأسفل لجثة ممزقة ترقد بمشرحة المستشفى العام!

 

سيق الأب متكئا على رجال المباحث، يمني نفسه أنها ليست جثة ابنه، يريد لعينيه أن تكذبا ما ترياه.. "هو ابني، وهذه ملابسه، وهذه زرعة عمري قد قصف حياتها مجرم أثيم"، راح يلقي وداعا حانيا ممزوجا بمرارة في حلقه لن تمحوها الأيام الطويلة الكئيبة التي ستظل تلهب جرح قلبه.

 

كانت المشرحة هي المشهد الأخير في مسلسل دام بدأت حلقاته المرعبة برؤية الأب ابنه يذبح في مقطع فيديو مصور، عقله لم يحتمل، وهوى جسده وانقبض قلبه بعسرة أطبقت بقسوة على أيامه التي ظل يرجوها بعد أن رأى المقطع الذي يظهر فيه الدم سائلًا من رقبة ابنه!

 

تمنى أن تكون إصابة عابرة أو جرحًا لا يقطع صلته بالحياة، لكن ما أن مر يومان حتى استدعته جهات التحقيق للتعرف على النصف الأسفل من جثة ابنه المشطور غدرا ووحشية.

تفاصيل الجريمة البشعة

أركان القصة لن تكتمل إلا إذا عرفنا أن مدرسا مدمنا بلعب القمار هو من يقف وراء الجريمة، أذل القمار جبهته وأثقل اللعب ظهره بالديون، وبدلا من أن يتعهد الأمانة التي أولاها أهالي الطلاب له، اختار أن يحش زهرة بمنجل من الدم والجريمة، فتربص بالصبي وهو خارج من حلقة درسه واتفق مع أحد جنود الشيطان لينفذ عملية خطفه والمساومة عليه وطلب فدية من أبيه.. 

 

وفي أثناء تصويره مقطع فيديو عزم على إرساله إلى والد الضحية، وبينما يلوح بسكينته متوعدًا الأب بدفع المال أو إزهاق روح إبنه، قطع السلاح شريانًا حيويًا في رقبة الصبي فتقطرت دماؤه، ومع كل قطرة منها تموت قطعة في روح الأب الذي كاد يطير عقله جنونا.

 

اختفى المشهد لكن رجاء الأب ظل عالقا بأن تكون إصابة ابنه سطحية، ولم يدر بخلده أن الصبي قضى، وأن المجرم مزق جسده نصفين ليخفي معالم جريمته، وضع نصفه الأسفل في شوال بلاستيكي وألقى به في إحدى الأراضي الزراعية قبل أن يعثر عليه الأهالي ويخطروا مباحث مركز شرطة الستاموني بمحافظة الدقهلية.

 

لم ينتظر رجال المباحث أن يعثروا على الجزء العلوي من جسد الطالب بأحد المصارف في نطاق مركز الستاموني، بعد إرشاد المتهمين، وبناء على بلاغات المفقودين لديهم، أجروا اتصالًا على الفور بوالد الطالب للتعرف على النصف الأسفل من جثة إبنه.

 

المجرم اعترف بجريمته دون مراوغة، وأقر أمام جهات التحقيق بقتل المجني عليه باستخدام سكين، كما أرشد إلى باقي أجزاء الجثمان بأحد المصارف المائية بدائرة المركز، بعد أن تخلص من متعلقات المجني عليه بإلقائها بأحد المجارى المائية، والسبب القمار الذي جعله مديونا شرها إلى المال.

 

أهل القرية، وقد زلزلهم الحزن على شباب الطالب، أقاموا صلاة الجنازة عليه مرتين، كل صلاة على جزء من أجزاء جسده الممزق بالخطيئة وانعدام الإنسانية والضمير الذي انحط إلى قاع سحيقة، أما الذئب فقد حبك الدور جيدا في البداية، ونعى الطالب على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك بعزاء تباكى فيه على شبابه وأخلاقه!

 

 

ويحتفظ المجتمع كله بحق البكاء على شباب هذا الطالب وعلى أخلاق هذا المعلم الذي استحوذ عليه الشيطان، فلم يحفظ عهدا ولم يرع حرمة مهنته، وفي انتظار قضاء عادل يقتص من مجرم ارتكب أبشع جريمة في حق إنسان، وهي حرمانه من الحياة بغل وغدر.

الجريدة الرسمية