لست غريبًا.. بابا حنين (27)
بينما نسير في دروب الحياة، تتفكر قلوبنا في أمور كثيرة تجعل قلوبنا تضطرب وتتشتت أفكارنا، حتى نشعر أحيانًا بأننا نغرق وليس لنا سبيل في النجاة، لكن كل هذا غير صحيح، عندما نفتش في كلمة الله الحية وواهبة الحياة والحكمة والنور في الليالي المظلمة.
فعندما نظن إننا بلا دليل في رحلتنا وظلمات الحياة تجتاح حياتنا من كل النواحي والجوانب، نجد كلام الله لحياتنا نور وسبيل، وعندما ندرك تلك الحقيقة نتهلل مع داود النبي إذ نقول: "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي"، إذ لا نسير في الظلام بمفردنا بل نجد كلام الله يبدد ظلام الأيام وينير في قلوبنا أفاقًا لم نلتفت إليها في حياتنا من قبل.
وفي اللحظة التي نخشى فيها أن نسير في الحياة بمفردنا دون صديق يهون على قلوبنا، أو سند نلتجيء إليه لنجد الصدر الحنون الذي يضمنا، نجد الله يسير معنا ويقطع بنا طرقًا كنا نحسب إننا لن نقدر عليها في يوم من الأيام، ولكنه كان بجانبنا، استطعنا أن نتجاوزها في هدوء وسلام فنردد مع أبينا داود مرة آخرى: "حتى وأن سرت في وادي ظل الموت فلا أخاف شرًا لأنك أنت معي".
حتى أفكارنا التي تسيطر علينا ولا نحسب أن أحد يدركها من حولنا، هي موضع اهتمامه ومحل عناية الله الذي لا ينعس ولا ينام لأنه حافظ نفوسنا، ويستطيع أن يعيد ترتيب تلك الأفكار المشتتة والمبعثرة بين ثنايا قلوبنا وبين خلايا عقولنا ليعيد ترتيب المشهد أمامنا ليمنحنا السلام لأنه هو الذي قال عنه المزمور: "أنت عرفت جلوسي وقيامي. فهمت فكري من بعيد".
فالله ليس ببعيد عن كل ما تمر به يا صديقي، بل هو أقرب مما تعتقد، وأحن مما تظن، وفي كل تجربة تفكر بها أنت، ترتب يداه الحنونة الطريق قدامك، وحتى أن ظننا في يوم أننا غرباء وبلا عون، يكون الرب سندنا وعوننا لأننا أبناءه، وهو الأب الذي لا يترك ابنه يضيع، والراعي الذي لا يترك خروفه يضل أو يسكن في يوم بعيدًا عنه، بل يفتش عنه حتى يعود.
instagram: @pwagiih