سنوية الثانوية
معظم محتوى هذا المقال قديم كتبته هنا منذ سنوات وكان الظن أن مصر استقرت على الشكل النهائي للثانوية العامة، بعد الجدل الكبير الذي أحدثه الدكتور طارق شوقي وزير التعليم السابق، وكان الظن أن التعليم سياسة دولة وليست سياسة وزير، حتى فاجئنا الدكتور رضا حجازي منذ أيام عن استراتيجية جديدة للفترة من 2024- 2029، لتطوير التعليم والتعليم الفني..
وقال الدكتور رضا حجازي: بعبع الثانوية العامة سيختفي، وإن هذا النظام الجديد لن يطبق على طلاب الثانوية العامة في السنة الحالية، وسيتم إعداد قانون خاص بذلك.. وللقارئ الرصين أن يبحث على لغز الثانوية العامة خلال نصف القرن الماضي ليكتشف أننا نجحنا في تحرير سيناء وفشلنا في وضع نظام للثانوية العامة..
ويكفي مثلا أن نعرف أن وزارة التربية والتعليم تعاقب عليها 13 وزيرا منذ يناير 2011، بمعدل وزير لكل ستة أشهر مما أدى لمزيد من التدهور والاضطراب وعدم الاستقرار نتيجة إصرار كل منهم على وضع بصمته الشخصية على السياسة التعليمية.
ومصيبة هذا البلد في ذاكرتها وفِي الهواة وعبقرية بعضهم في محاولة إعادة اختراع العجلة، فمنذ الستينيات ولكل وزير للتعليم سياسة وفلسفة وورقة للتعليم، وعندما يرحل يأتي وزير آخر ليواصل تجريبة، ومع كل قادم تتكرر نفس الزفة بين الرفض والتأييد ذلك أن دولة كبرى بحجم مصر لا تستطيع أن تضع سياسة تعليمية للثانوية العامة بل ولا للشهادة الابتدائية..
وثائق تطوير التعليم
فكل ثلاث سنوات يتم تغييرهما ولكل وزير رؤية خاصة بهما لا يلبث أن يحددها حتي يأتي خلفه ويعيدها، كما فعل الوزير حافظ غانم في السبعينيات، وأعلن عن سياسة تعليمية سماها التعليم في الدولة العصرية.. وبعدها بشهور أعلن على عبد الرازق سياسة تعليمية جديدة، قال عنها بالحرف الواحد إنه لابد أن تكون لنا سياسة تعليمية ثابتة لا ترتبط بالأفراد..
وفِي عام 1979 خرجت علينا الوزارة بوثيقة تطوير وتحديث التعليم في مصر في عهد الدكتور مصطفى كمال حلمي، وفِي منتصف الثمانينيات صدرت وثيقة السياسة التعليمية في مصر على يد الدكتور عبد السلام عبد الغفار، وتغيرت الوزارة وخرج الوزير بعد شهر من صدور سياسته، ثم شكل وزيرا التعليم اللذان تولى أحدهما التعليم العالي، وهو فتحي محمد على والآخر منصور حسن لوزارة التعليم لجنة لوضع سياسة تعليمية معًا عام 1986..
وقبل أول اجتماع للجنة خرج الوزيران معا وجاء الدكتور فتحي سرور، لتولي الوزارتين معًا وأصدر وثيقة المشهورة عام 1978 باسم وثيقة تطوير التعليم في مصر، ويومها أعلن بالحرف الواحد لقد جئت لكي توضع سياسة تعليمية ثابتة بإسم الجالس لا باسم الوزير..
وفِي أوائل التسعينيات أصدر الدكتور حسين كامل بهاء الدين وثيقة جديدة بعنوان "مبارك والتعليم نظرة إلى المستقبل" وطوال عهد الرجل في الوزارة، تغيرت الثانوية العامة أكثر من مرة، وخرج بهاء وجاء الدكتور أحمد جمال الدين وتغيرت نظرته للمستقبل وللتعليم وبعده جاء 14 وزيرًا عبث كل منهما بالتعليم وبالسياسات حتى وصل الموكب للدكتور طارق شوقي وأضاف وألغى انتظارا الدكتور رضا حجازي ليعيد ما ألغاه.. ولك الله يا مصر.