ساخرون.. حكاوي زمان، صلاح جاهين يكتب عن أوامر السادة المحافظين ومزاج الشعب
فى مجلة صباح الخير عام 1968، كتب الشاعر الفنان صلاح جاهين -رحل عام 1986- مقالا ينتقد فيه كثرة أوامر المحافظين فى المحليات، قال فيه:
أتحدث إليكم فى مسألة مهمة متعلقة بالمصلحة العامة ونترك هنا الكلام المسجوع ونخش دوغرى فى الموضوع، أخوكم كاتب هذه السطور يذهب إلى السينما من حين لآخر ويجلس مهذبا في كرسيه لا يدخن ولا يفعل شيئا يغضب الله..
لاحظت فى جميع بلاد الدنيا التى ذهبت إليها فيما عدا السعودية، لأنه لا يوجد فيها سينمات، أن الجميع يجلسون مهذبين مثلى لا يدخنون ولا أي شيء، وكنت أتلفت حولى فى بلاد الدنيا هذه لأرى أي لافتة مكتوب عليها ممنوع التدخين لكنى لا أجد، وبالرغم من ذلك فإن الناس لا يفعلون.. مما جعلنى أحترم هذه الشعوب المهذبة من تلقاء نفسها مثلما أنا مهذب.. حتى الدول الفقيرة منها.
لكنى يا أخى أنظر حولى فى سينماتنا فأينما وليت وجهى قرأت أن التدخين ممنوع، وأن هذا المنع بأمر المحافظ، ثم تشتغل السينما وقبل الاستراحة يعرضون على الشاشة إعلانا كبيرا بأن التدخين ممنوع وبرضه بأمر المحافظ رقم كذا، وهل أوامر المحافظ لها أرقام؟!
وإذا كان لأوامره أرقام فلا بد أنها الآن وصلت المليون، وربما إلى البليون أو التريليون أو الديشليون.. فإننا فى كل يوم نصبح فى الصباح تطلع علينا الجرايد بأوامر جديدة من المحافظ، بعض هذه الأوامر جاء على مزاج الشعب فانبسط وهيص وزأطط، مثلا مسألة رد خلو الرجل إلى السكان، إذا كان صاحب الملك قد قبضه منهم قبل الإيجار.. لكن ماذا فى خلو الرجل الذى يأخذه الساكن السابق فى مقابل أن يتنازل عن شقته لغيره..
معلهش برضه فيه ناس انبسطت واتنغنغت، وفوت دى، وبعض هذه الأوامر جاء على غير مزاج الناس مثل التدخين فى السينما مثلا.. وكنت أتمنى أن يكون المنع معلوما ومطبقا بدقة دون ذكر بعبع المحافظ فى كل مناسبة وكل إعلان.
وكثير من هذه الأوامر لا يطبق ويتحايل عليه المتحايلون مثل الشقق الخاصة وما إلى ذلك، وسواء عندى الأوامر التى تعجب الناس أو التى لا تعجبهم، والأوامر التى تطبق أو التى لا تطبق، فإننى لا أحب حكاية أن المحافظ يفعل كل شيء وينفذ كل شيء عن طريق الأوامر.