أسف القاتل!
لم أتعجب من تصريحات بلينكن وزير الخارجية الأمريكى التى أبدى فيها الأسف لمأساة الصحفى الفلسطيني وائل الدحدوح التى تجسد كما قال مأساة أهل غزة.. فأنا موقن أن أمريكا شريك أساسي لإسرائيل في تلك الحرب الوحشية المدمرة في غزة.. فهى التى قدمت السلاح والذخيرة لاسرائيل والدعم المالى والحماية السياسية دوليا حينما عطلت وأبطلت كل محاولة لوقف الحرب وآخرها ما شهده مجلس الأمن مؤخرا..
فلو كان بلينكن يشعر بأسف حقيقى لأجبرت أمريكا إسرائيل على وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، لكنها لا تفعل، وإنما كل ما نراه منها فقط حتى الآن هو مناشدة إسرائيل تخفيف أعمالها الحربية وتقليل استهداف المدنيين وعدم بقاء القوات الاسرائيلية لوقت طويل في قطاع غزة.
إن ثمة مثل شعبى مصرى شهير يقول يقتل القتيل ويمشى في جنازته.. وهذا المثل ينطبق حرفيا على أسف بلينكن لمأساة وائل الدحدوح وكل أهل غزة.. إنه تظاهر بالأسف أو الإدعاء به لإحتواء أو تفادى الغضب العربى الذى توجه لأمريكا أساسا قبل إسرائيل.
فنحن لا نصدق أن إسرائيل تقدر على عدم تنفيذ طلبات أمريكا المعلنة من قبل بلينكن بتخفيف استهداف المدنيين في قطاع غزة.. ونرى أنه لو كانت أمريكا جادة في ذلك لأجبرت إسرائيل على ذلك.. لكن أمريكا تعلن ذلك فقط لتتفادى الضغوط العربية المستهدفة إنهاء الحرب، ومعها الضغوط الشعبية العالمية.
وزيارة بلينكن للمنطقة مجددا التى تكررت عدة مرات منذ إندلاع تلك الحرب تعطى انطباعا بأن ثمة تحرك أمريكى لإنهاء الأزمة، بينما أمريكا لا تعارض استمرار الحرب شهرا أو أكثر قليلا، حتى تنجز القوات الاسرائيلية شيئا ما ملموسا يوحى للاسرائيليين بأنها ردت على ما حدث في السابع من أكتوبر وهو ما أصاب الأمن الإسرائيلى في السويداء.
إنه يكفى واشنطن ووزير خارجيتها أن ينذر فقط بوقف الحرب وهو موجود في بلده دون تحمل مشقة وعناء السفر إذا كانت جادة حقا في إنهاء تلك المأساة.. لكنها لا تفعل لأنها مع إستمرار الحرب بعض الوقت وبالتالى إستمرار تلك المأساة حتى إشعار آخر.