كارفور يتورط في غزة
وقفت السيدة السبعينية أمام مدير كارفور بباريس وهي تقول له: إن أمرا مهما يحتاج منك توضيحا.. قال الرجل: تفضلى.. قالت: كيف ترسلون طرودا غذائية لجنود إسرائيل الذين يرتكبون إبادة جماعية في غزة.. تململ الرجل محاولا الهروب منها ومن زميلاتها اللاتى حضرن إلى المكان لمواجهة مسئوليه.
لم تفقد السيدة الأمل في مطاردة الرجل وقالت له وهي تتابعه سيرا من خلفه.. كارفور متورط وإسرائيل تمارس الإبادة.. خرج الرجل مسرعا إلى سيارته ومن خلفه السيدة وهي ترفع صورة لضحايا من أطفال ونساء فلسطين وهي تردد: إسرائيل تمارس الإبادة وكارفور متورط.
حراك شعبى من أجل الإنسانية
لم يكن ذلك هو المشهد الوحيد القادم من أوروبا التي تحركت شوارعها أكثر من عواصم العرب المحكومين بالحديد والنار.. في أمستردام نظم نشطاء حدثا مهما داخل واحد من أكبر المولات.. فجأة ارتفع صوت الشاب في مكبر صوت وقال: انتبهوا أيها السادة للحظات. انتبه الناس بالفعل والشاب يكمل رسالته: أرجوكم توقفوا عن التبضع لدقائق واقرءوا أسماء الضحايا في فلسطين.
فجأة سقطت أوراق صغيرة تحمل كل واحدة منها اسما لضحية من الأطفال في غزة.. قال صاحب الرسالة: إن الماركات التي تشترون منها الآن تمول جيش إسرائيل لارتكاب المذابح ضد الأطفال والنساء في غزة.
كان المشهد مؤثرا، ولم يكن هذا أيضا مشهدا وحيدا.. أوروبا لا تزال تنتفض بضمير إنسانى حي فقدناه في عالمنا العربى، فالناس في بلادنا يكتوون من مشاهد قتل أشقائهم وأبنائهم في فلسطين ولا يمكن لهم حتى التحرك سلميا.. اذكروا لى أسماء العواصم العربية التي انتفضت مثلما انتفضت مدن أمريكية مثلا.
المتابع لما يجرى في الميادين الأوروبية وفي المدن الأمريكية وما جرى ويجرى في عواصم دول لاتينية وآسيوية يدرك أن العالم العربى في أزمة حقيقية بين رؤي بعض حكامها ومشاعر شعوبها.. للحكام مصالح عبر عنها نتنياهو عندما قال مخاطبا حكام العرب: اصمتوا إن كنتم تخشون على مصالحكم.. وفعلا صمتوا!
لا يزال الغرب الذي يغضبنا كثيرا ويطاردنا كثيرا هو معين الحراك الشعبى من أجل الإنسانية في غزة، من أجل الدفاع عن إنسانية أطفال قضوا تحت القصف في حين أن برلمانات الديكور الرسمي العربي لم يتحرك منها إلا برلمان الأردن مناقشا ورافضا ومحتجا ضد الإبادة في غزة.
وخلاصة القول إن الإنسانية لا تعرف لغة ولا دينا، وإنما هي نبت طبيعي يترعرع في مناخ الحرية والديمقراطية ويناطح السحاب في مجتمعات عرفت معنى الحياة، أما نحن في بلادنا فلا نعرف لنا حقوقا، ولا نعرف لنا إلا ما يمنحنا إياه كل من جاءوا إلى الكراسي بالتزوير والتدليس والغش والخداع والقوة!