المال وحده لا يصنع التاريخ!
رغم أهمية المال بوصفه عصبا للحياة، لكنه لا يكفى وحده لتحقيق أي نجاح او إنجاز مستدام فضلا عن أن ينشيء نهضة أو يبني حضارات، وثمة تجارب ربما على بعد خطوات منا تنطق بهذه الحقيقة الساطعة، فشراء فريق كامل من المحترفين لا يصنع التاريخ ولا النجومية ولا يجعل هذا الفريق جذورا ضاربة في العراقة والمكانة الرفيعة..
المال يشتري الإمكانيات والترف لكن تنقصه الروح والإرادة والعزيمة والرغبة الصادقة في تحقيق النجاح.. ينطبق هذا على المستطيل الأخضر بوصفه ميدانا للتنافس والنزال وينبطبق بدرجة أكبر وأعمق على جبهات القتال والدفاع عن الأوطان.
انظر مثلا لما يحدث في غزة من معارك دامية بين طرفين، يملك أحدهما وهو الاحتلال الإسرائيلي الذي حيزت له كل أسباب القوة من جيش مدجج بأحدث وأعتى الأسلحة وسلاح طيران هو الأقوى في المنطقة، ولا تنقصه الأمكانيات المادية العائلة بل يحظى بدعم دولي سافر وهائل تغدقه عليه واشنطن وذيولها في أوروبا بلا حساب وبسخاء من ينفق على نفسه، عتادا وأموالا ونفوذا نافذا داخل المنظمات الدولية ومجلس الأمن..
وبين مقاومة لا تملك إلا أسلحة بدائية لا تقوى على مواجهة ترسانة عسكرية طاغية تملك سلاحا نوويا.. وقد خذلها القريب والبعيد ووقفوا يتفرجون عليها وعلى شعبها الأعزل الذي ترتكب بحقه أشد الجرائم فظاعة ودموية على مر التاريخ.. لكن تلك المقاومة تملك سلاحا أقوى وهو الإرادة والروح وعدالة القضية، وقد نجحت بهذه الروح في مرمغة الغطرسة الإسرئيلية وإذلالها بخسائر غير مسبوقة في البشر والعتاد!
الروح تصنع الفارق
وفي الميدان يظهر الشجعان ويخرج المقاوم حافي القدمين لكنه يهب كالريح العاتية لا يهاب الموت، بينما الجندى الإسرائيلي يقبع خائفا في دبابته أو مصفحته وحاملة الجند لا يجرؤ على الخروج منها حتى تحترق بنيران المقاومة.
الروح هى سر انتصارنا المجيد في حرب أكتوبر على عدو متغطرس عاش أوهام القوة والسيطرة حتى أذلته الإرادة المصرية، تارة في السادس من أكتوبر73 وتارة أخرى أذلته المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023.. وبينهما تاريخ من الإجرام الإسرائيلي ومجازر الدم والقتل والإبادة بحق العرب والمسلمين في بلادنا..
الروح تصنع الفارق دائما، والإيمان بعدالة الحق يقوي القلب، كما تقهر الشجاعة والفدائية حاجز الخوف وتجعل النصر حليفا للأقوى روحا والأكثر صبرا وصمودا.. مثل هذه الروح تحقق النصر في ملاعب الكرة وفي ساحات الحروب على السواء..
فكلتهاهما ساحة نزال، تحتاج لكوادر من طراز خاص، كوادر تربت على الصمود والنضال لآخر نفس تحت أي ظرف، كوادر لا تهاب الخصم مهما تكن إمكانياته المادية أو شهرته الطاغية أو ما يروجه من أساطير وأراجيف في إطار الحرب النفسية..
فهذا الشناوى حارس الأهلى يتصدى لضربة جزاء لنجم عالمي كبير بحجم كريم بنزيمة الذي تتجاوز قيمته التسويقية فريقا عريقا بحجم الأهلى نادي القرن.. لكن ماذا يصنع المال أمام عزيمة الأبطال.. لو خاف الشناوى واهتزت أعصابه لفقد سيطرته على نفسه وأفلتت منه الكرة لتسكن الشباك.. لكنه بدا رابط الجأش حتى حقق ما رآه البعض ضربا من الخيال.. إنها روح القلعة الحمراء التي لا يفت في عضدها هزيمة الفريق أخيرًا أمام الفريق البرازيلي.. إنها الساحرة المستديرة!