الشعب المصرى يؤلف الوزارة
بينما النيران علي حدودنا الاستراتيجية، شرقا وغربا وجنوبا، بينما الجنون يقود النازية العسكرية في كل من واشنطن وتل أبيب، بينما يلتزم العالم الغربى الصمت الحقير المريب ولا ينطق بحرف إدانة واحد لإسرائيل التى سحقت بجنازير الدبابات المرضى والنازحين الجوعى في خيام نصبت بساحة مستشفى كمال عدوان ودفنتهم أحياء بالجرافات..
بينما تستعد أوروبا وأمريكا والعالم للاحتفال بالكريسماس، ويزينون شجرة أعياد الميلاد المجيد بجماجم الشهداء من الأطفال والنساء، معلقة على خيوط الدم الطاهر الزكى، بينما وبينما وبينما، فإن الله العلى القدير يصون هذا الوطن، بل يحميه من عدوى الجنون من حولنا.
لقد استوعبنا الدرس القاسى الموجع المحرق المدمر في واقعة الخامس والعشرين من يناير 2011، ومع بلوغ الاستياء الشعبى مداه بسبب الغلاء الفاجر، وعصابات الاحتكار وضعف الحكومة في مواجهته، بل والتأخر في كبح جماحه، لم يتأخر المصريون عن إدراك الحقيقة الثابتة، وهى أن الوطن أغلى من الوجود كله، وأن الأمان يسبق الطعام..
وأن البيت المقفول أبوابه علينا في طمانينة خير من الفوضى التى جربناها فجرفتنا وأرجعتنا سنوات إلى الوراء، لولا صحوة العقلاء والوطنيين ووقفة جيش عظيم وشرطة وطنية بذلت التضحيات بلا تردد.
نعم ننعم بالأمان، وهي نعمة كبيرة، ومنحة من الله، وإشارة إلى أن هذا الشعب الصابر العاشق لوطنه يستحق هذا الوطن. غدا ستعلن النتيجة الرسمية، ويرسم الفائز عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر لست سنوات جديدة، ويعلم المصريون أن حكومة مصطفي مدبولى يجب بحكم الدستور أن تتقدم باستقالتها، لكي يتمكن رئيس البلاد من اختيار حكومة جديدة..
ومن المؤكد أن الرئيس الفائز، كان في فترة الفرز والعد وما بعدها، وقبل إعلان النتيجة، وربما قبل ذلك بأشهر، وضع رؤية وتصورا، عن سياسات واجبة وحتمية وشخصيات بديلة تصلح لتنفيذ السياسات الجديدة..
حكومة جديدة
وبينما كان الرئيس يفعل ذلك، كان الشعب المصري يقوم بالدور نفسه، إذ عكف الشعب الإلكتروني علي صفحاته يقترح أسماء الوزراء، بل حددوا اسم رئيس الحكومة الجديد، وهم أشادوا بأدب وأخلاق وعلم وعطاء الدكتور مصطفى مدبولى، وهو للحقيقة عطاء وطنى عظيم..
ورغم الإشادة بالرجل ومثابرته، فإن المصريين يتطلعون إلى وجوه جديدة، بديلا عن وجوه باتت صورة للعجز في الوجدان الشعبي، إذ توحش التجار والمقاولون وأهل المعمار تحت عباءتهم، وباتت أسعار الشقق بالملايين، وفي جيوب الناس، بالقياس، ملاليم!
مصر عمرانة بالكفاءات، وكفى الأخذ من خانة أهل الثقة، فأهل الخبرة هم أيضا وطنيون ومخلصون، ويمكنهم تحديد الدواء اللازم بجرعاته المناسبة، للحصول على التعافى السريع..
في النوادي، وعلى المقاهى، يتابع المصريون بالدموع، دماء الفلسطينيين تهدر وتسفك، ويرى المصريون قيمة الوطن وقيمة أن تكون قويا وقادرا على الردع.. وتحت مظلة هذا الشعور تراهم يستأنفون حوارهم حول رئيس الحكومة الجديد القادم..
هل هو فلان؟ هل هو علان؟ هل هو محيي الدين؟ هل يعود دكتور مصطفي مدبولي بحكومة فيها وزراء جدد تماما؟ وفي النقاش العام على المقاهي والمصاطب السياسية لابد من مشاغب يقول: طب نعمل إيه لو رجعت الحكومة الراحلة، بعد التخلص من وزراء أخفقوا في مناصبهم؟
واحد من الجالسين حدق فيهم طويلا ثم لطم!