حاميها حراميها
أخيرا، أخيرا، انكشف اللغز الذى دوخ المصريين منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وعرف الناس من الحرامي الذي سرق السكر وأخفاه! أخيرا، ظهرت العصابة التى حرمت المصريين من كوب شاي مكتمل الملاعق الثلاثة كالعادة.. وعرف الناس أن المفسدين كانوا على مرمى حجر من باب الوزير، وأن حاميها هو حراميها!
نجحت الرقابة الإدارية، في رصد شبكة الفساد داخل وزارة التموين، وعرفت رأس الفساد كبير الشبكة، المسئول عن المراقبة وعن التوزيع، مراقبة السلع وتوزيعها، يعني هو المسئول عن خريطة الإمداد السلعي الاستراتيجي لكافة المحافظات..
لم يصدق الشعب النبأ الصادم، لم يصدق الناس أن الوزير لم يشك لحظة.. في أن مستشاره ممكن أن يكون وراء الصراخ العارم للشعب المصرى بسبب نقص، وغياب، واختفاء وإخفاء أطنان وأطنان من السكر.
ونحن بدورنا لا نصدق أن الدكتور علي مصيلحي بتاريخه وخبراته الكبيرة فاته أن يرتاب في مستشاره، وأنه أس البلاء في البلاد!
غول الأسعار
يتساءل الناس كيف تسنى لهذا المسئول أن يغمض له جفن، وأن يسكت له ضمير، بينما الشعب يضج بالغضب، ويئن من سعار الأسعار، وهو السبب في اشتعالها بتآمره مع شوية تجار خونة لوطنهم، رشوه بمبالغ خيالية فأغدق عليهم من عزبة أمه وأبيه مئات الألوف من أطنان السكر يحبسونها عن الشعب في مخازنهم لتعطيش السوق، ثم طرح كميات محددة محدودة ليفرضوا السعر الباهظ، حتي نافس سعر السكر سعر الدولار..
من فوق منبر الحرية هذا، منبر فيتو، صرخ هذا القلم الأحد الماضي، تحت عنوان حكومة السكر والضغط، وتساءل عن سر سكوت الحكومة علي عصابة المحتكرين، وقلنا بالحرف "سوف ينجح الرئيس، ومع نجاحه سيكون علي الحكومة أن تقدم استقالتها..
وسيتوقع الشعب من الرئيس في ولايته التى سوف تستمر ستة أعوام أخرى بإذن الله، أن يختار حكومة تستطيع أن تواجه عصابة المحتكرين الذين قهروا أداء حكومة مدبولي، وجعلوا الشعب يتساءل عن السر الرهيب وراء خضوع هذه الحكومة لكارتل الاحتكار في مصر..
كارتل السكر وكارتل الزيت وكارتل البيض وكارتل اللحوم.. ومن عجب، وهو ما لن ينساه الناس للحكومة الحالية، أن رئيس الوزراء اجتمع بالخمسة الكبار المحتكرين واتفقوا علي تخفيض الاسعار لأن الشعب يصرخ ويئن، لكنهم خذلوا الرجل وكشفوا ضعف الدولة في مواجهتهم..
قصارى القول إن الحكومة تعرفهم اسما ورسما وعنوانا ومخازن وممتلكات، لكنهم بقرات مقدسة لا يجوز الاقتراب منهم.. والشعب يسأل لماذا؟ وكيف؟ يمتصون دماء الناس. والحكومة تهدد ولا تنفذ، ولا قبضت علي واحد منهم بتهمة تهديد الأمن القومي بإخفاء السلع الاستراتيجية وتسخيط الشعب وزعزعة الاستقرار.."
بطبيعة الحال كنا نتمنى لو قصرت فترة رصد وكشف شبكة الفساد التى ضبطت بالصوت والصورة، ولكن من الواجب تقديم الشكر للأجهزة الرقابية، ونتمنى عليها الإسراع بمداهمة نموذج حاميها حراميها في مختلف الوزارات والهيئات الحكومية والعامة..
كان الوزير غافلا، وليست هذه بجديدة، فقد قبضت الرقابة الإدارية من قبل على وكيل وزارة الإعلام، في مكتبه، ووقتها كان الوزير صفوت الشريف، رحمه الله، علي رأس الوزارة، كما سبق أن قبضت في ميدان التحرير علي وزير الزراعة نفسه في بداية حكم الرئيس السيسي وحوكم وأودع السجن..
الفساد لن ينتهى وفي القرآن الكريم ستطالعك اللفظة هذه مرات عديدة، والمهم دائما مواجهة شبكات الفساد باليقظة والمداهمة وبلا إبطاء.. ومن المتوقع حاليا أن كل وزير في الحكومة حاليا يتفقد إداراته ويتفرس في الملامح، ويراجع الملفات.. لكن السؤال هو وللمرة الثانية، كيف كان لهذا الرجل أن ينام ونحن نصرخ من غول الأسعار الذي أطلقه علي الشعب؟