العودة إلى غزة!
اليوم الأول لهدنة الأيام الأربعة حافل بالمشاهد المؤثرة مثل مشاهد خروج أهل غزة جماعات إلى الشوارع والأسواق بعد توقف قصف الطائرات والمدافع، ومشاهد تدفق حافلات الغذاء والوقود التي تعبر منذ الصباح معبر رفح لمساعدة أهالي غزة، بينما مشاهد الإفراج عن الأسرى فقد اختفت..
غير أن المشهد الذي يستأثر عقليًّا ووجدانيًّا بالاهتمام هو مشهد عودة العديد من الفلسطينيين إلى غزة من الذين كانوا يقيمون في مصر، ومشهد محاولة آلاف الفلسطينيين من أهل قطاع غزة العودة إلى شمال القطاع لتفقد منازلهم والاطمئنان على من تبقى من أهلهم وذويهم ولم ينزحوا إلى جنوب القطاع، ولم تمكنهم القوات الإسرائيلية من ذلك بالقوة وإطلاق النار عليهم.
إنه مشهد ينطق بقوة بتمسك فلسطيني غزة بأرضهم وإصرارهم على البقاء فيها.. فعلى الرغم من أنهم يدركون أن الحرب سوف تستأنف بعد إنقضاء أيام الهدنة الأربعةَ فإنهم أصروا على العودة طوعًا إلى قطاع غزة حينما أتيحت لهم الفرصة.. ومنهم من تهدمت منازلهم خلال حرب الإبادة التي شنتها قوات الإحتلال ضد القطاع، ومنهم من فقدوا الأهل أيضًا..
وهذا هو الضمان الحقيقي والفاعل والمؤثر في إجهاض الخطة الإسرائيلية الشريرة الخاصة بالتهجير القسري لهم إلى سيناء، مع الرفض المصري الحاسم أيضًا.
أما أهل غزة الذين اندفعوا للعودة إلى شمال غزة فهم أكدوا للإسرائيليين أنهم لن يسكتوا طويلًا على تهجيرهم حتى داخل أرضهم، وأنهم سوف يعودون لها ولو تحولت منازلهم إلى حطام.. فأهل غزة يرفضون التهجير القسري إلى خارج قطاع غزة أو حتى داخله.
وهذا الرفض والتمسك بالأرض من قبل أهل غزة هو الضمان المهم لإجهاض مؤامرات إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية والإبقاء عليها حية حتى يحقق الفلسطينيون استقلالهم وإقامة دولتهم الخاصة لم.. وهذا ما نبهت له مصر مبكرًا جدًّا.