الاتفاق مع رجل بلا شرف!
يعرف معظم قادة العالم، ومن باب أولى قادة العرب والشرق الأوسط، فضلا عن قادة البيت الأبيض، وعلى مدار عقود، يعرفون جميعهم الطبيعة المراوغة لرئيس الوزراء الحالي نتنياهو.. والحق أن تعبير الطبيعة المراوغة هو بديل دبلوماسي لوصفه بالكذب، فهو رجل وغد لا يحترم وعدا ولا اتفاقا، ولا يقول الحقيقة أبدا.
كانت علاقته بإدارة كلينتون ثم أوباما شديدة التوتر، وفي هذا السياق ينظر كثير من قادة العالم المتابعين للكارثة الإنسانية في قطاع غزة واتفاق الهدنة المعطل أو المؤجل حتى الغد على أنه قابل للانهيار، أو تطبيق أجزاء منه، أو المماطلة في التنفيذ.
اتفاق الهدنة المعطل المؤجل لليوم الخميس، هو نتيجة جهود هائلة من القاهرة ومن الدوحة، بالتنسيق مع إدارة بايدن، والمفارقة أن هذه الإدارة تسعى لإطعام الفلسطينيين، لكي تقتلهم إسرائيل بالسلاح الذي يقدمه بايدن بلا شروط للجيش الاسراائيلي.
اتفاق الهدنة ربما يتحول مع التمديدات المستمرة إلى وقف لإطلاق النار، وهذه تسمية تسمح لحكومة القتل في إسرائيل بحفظ ماء الوجه.. ويذكر التاريخ أن حرب إحتلال فلسطين عام 1948 بين الجيوش العربية وعصابات إسرائيل المسلحة، إنتهت بهدنة ولم تنته بقرار لوقف النار.
أزمة نتنياهو
ولأن نتنياهو -أو بيبي كما يطلق عليه- والقادة العسكريين والأمنيين يعلمون أن وقف الأعمال القتالية نهائيا. يعني بدء سلسلة من التحقيقات والمحاكمات تنتهي بالسجن للمتوتر المأزوم -بيبي- نتنياهو، وقادة معه متورطون في الإخلال بأمن اسرائيل يوم السابع من أكتوبر، يوم العار على المؤسسة العسكرية والأمنية.
فإن رئيس الحكومة خرج اليوم الخميس في مؤتمر صحفي يعلن استمرار الحرب على غزة فور انتهاء الهدن، رغم نصوص الاتفاق مع القاهرة وواشنطن والدوحة على تمديد الهدنة، مع الإفراج عن رهائن.
في بداية العملية العسكرية كان الهدف الأعلى لإسرائيل قتل جميع قادة حماس، وكان الهدف الثانوى تحرير الرهائن، بل من القادة في الجيش وحكومة الحرب من اعتبر فقدان الرهائن عمل وارد من أعمال الحرب، ولقد ثار أهالي المحتجزين، وضغطوا ويضغطون بالمظاهرات في الشوارع وحول بيت نتنياهو.
حتى اضطرت حكومة القتلة إلى القفز بهدف تحرير الرهائن إلى البند رقم واحد، ومع ذلك فان خروج نتنياهو ليعلن استمرار الحرب بعد تحرير المحتجزين يعني أمرين، أولهما أن خطة إزاحة الفلسطينيين قسرا نحو بوابة رفح المصرية لا تزال تتفاعل لدى الحكومة الإسرائيلية لفرض الأمر الواقع.
رغم تأكيد الرئيس الأمريكي صباح اليوم الخميس في اتصال هاتفي مع الرئيس السيسي على رفض أمريكا التهجير القسرى لسكان غزة أو الضفة الغربية.. مع ذلك، فإن عدم سماح اسرائيل بعودة من نزح جنوبا إلى بيوتهم المدمرة في الشمال، تعني، أن تل أبيب ماضية في فرض الأمر الواقع، وهو ما لن تقبله مصر بأي وضع.
وهو أيضا ما عبرت عنه الأردن بأنه إعلان حرب، لو هجروا أهالي الضفة إلي الأردن. بطبيعة الحال تعلم مصر تماما كيف ترد وتواجه وتكبح جماح حكومة القتلة المجرمين في إسرائيل.
أرأيتم قط رئيس حكومة يطلب من مخابراته علنا قتل مناوئيه في أي مكان، وعلى أرض أية دولة، وهو يقصد بالطبع قادة حماس؟
قادة حماس في قطر.. أو في القاهرة، أو في أي بلد عربي أو في انقرة أو في إيران فهل تشن الموساد عمليات إغتيال منافية لكل الأعراف الدبلوماسية على أرض أجنبية ؟ لا عجب، كل شئ وارد.. تحت العباءة الغربية.