رئيس التحرير
عصام كامل

على حسّ الدولار!

ما من سلعة أو خدمة في مصر إلا ويرتفع سعرها على حسّ الدولار؛ حتى بات الدولار متحكمًا في سعر كل شيء في مصر.. فإذا ساقك حظك العثر لطبيب أسنان فاجأك بأسعار فلكية للحشو والزرع والتنظيف؛ متذرعًا بأن الخامات مستوردة وترتبط بسعر الدولار صعودًا وهبوطًا.. حتى بائعو الخضراوات والفاكهة في الأسواق يتذرعون في رفع الأسعار بالدولار.. ولا أدري ما علاقة هؤلاء بالدولار؟!


غابت الرقابة عن الأسواق وحضر جشع التجار وإنعدم الضمير، ولم يعد الناس يشعرون بأي دور حقيقي لجهاز حماية المستهلك في حمايتهم؛ فقد تجد للسلعة الواحدة سعرًا في بداية اليوم وسعرًا آخر في منتصفه، وسعرًا ثالثًا في نهايته ؛ وربما تجد سعرًا للسلعة في أحد المحلات يزيد أو يقل كثيرًا أو قليلا عن محل آخر يجاوره في نفس الشارع؛ ما يعني أنه لا معايير حاكمة للأسواق ولا لتداول السلع..

 

وقد يكون ذلك مفهومًا إذا ما تعلق الأمر بسلعة يجري استيرادها من الخارج لكن ما علاقة السلع المنتجة محليًا مثل السكر والأرز.. وما سبب هذا الارتفاع الجنوني في أسعارهما بل واختفائهما من بعض محلات البقالة والسوبر ماركت وسلاسل التوريد؟!

ضبط سوق الدولار


استقرار الأسواق لا يتحقق إلا بوضوح المعايير الحاكمة للأسعار، حتى في أعتى الأنظمة الرأسمالية ثمة أجهزة تراقب وتعاقب كل من يتجاوز القانون بالمغالاة والاحتكار والغش وهو ما يضمن نجاح تلك المنظومة في الدول المتقدمة معقل الرأسمالية التى تستند لقانون العرض والطلب.. وهو ما نفتقده للأسف في أسواقنا التي باتت تتحرك بالأسعار بلا ضوابط واضحة!
 

لا أحد يفلت من انفلات الأسعار؛ الكل يناله منها نصيب؛ الأغنياء والطبقة الوسطى التي تتآكل بسرعة واضحة تحت تأثير الغلاء وضعف قوتها الشرائية.. أما الفقراء فيطحنهم الغلاء بلا هوادة وهو يؤثر على السلام الاجتماعي وينذر بعواقب غير محمودة باتساع رقعة الفقر والحرمان ويحفض منسوب الرضا الاجتماعي بين فئات اجتماعية ليست قليلة.


فهل من المعقول أن تجد الأسعار في عيادات الأسنان تتجاوز آلاف الجنيهات حسب نوعية الحشو المستورد.. فماذا يفعل الفقراء ومحدودو الدخل.. وهل مثل هذه الأمراض مشمولة بمنظومة التأمين الصحي الشامل الذي نرجو أن تتسارع خطواته لإنقاذ المرضى الفقراء من لهيب الأسعار؛ سواء فيزيتا الكشف أو التحاليل أو الأشعة أو الأدوية التي هى أكثر ما يتأثر بارتفاع الدولار حتى بات الدواء أملًا لكثير من المرضى.

 


ما أحوجنا لضبط سوق الدولار وتقنين أسعار المنتجات المستوردة التي يشتد احتياج الناس لها، خصوصًا الأدوية والغذاء للجم الاستغلال الذي يتخذ من الدولار ذريعة لرفع الأسعار بصورة شبه يومية تخلق حالة من عدم الثقة واليقين والأمل في بكرة! ويبقى السؤال المهم: متى تفيق وزارة التموين وتفرض رقابتها على الأسواق؟!

الجريدة الرسمية