إنصاف الشخصية الفلسطينية في السينما الهوليودية!
السينما هي أحد أهم أنواع الفنون ومن أكثرها قوةً وتأثيرًا في الناس، لما تتمتع به من سحر خاص وعناصر جذب عديدة بشرية وفنية وتقنية، ومن ثم ساهمت بقدر كبير على مدار تاريخها الطويل في تشكيل وجدان وآراء وقناعات وأفكار الجماهير إزاء العديد والعديد من القضايا والمشكلات الهامة والحيوية، وفي نظراتهم والصور الذهنية لديهم عن شعوب أخرى..
خاصةً الذين يختلفون معهم عقائديًا أو أيديولوجيًا أو يخوضون معهم صراعات أو حروب، مثلما هو الحال بين العرب والكيان الصهيوني عمومًا أو الشعب الفلسطيني وهذا الكيان بصفة خاصة منذ نكبة 1948، وهو ما تجسده السينما الهوليودية التي يسيطر على مفاصلها اللوبي الصهيوني، فتصدر دائمًا صورة سلبية عن الشخص الفلسطيني في أفلامها وتعاقب بشدة كل من تجرأ وحاول أن يقف بجانب الحق الفلسطيني وينصف هذا الشعب المنكوب.
والأمثلة عديدة والقائمة تطول على الأفلام التي روجت لصورة الفلسطيني كشخص دموي وإرهابي يتلذذ بخطف وقتل وترويع المدنيين الإسرائيلين الأبرياء، وليس كشخص يناضل ويكافح في سبيل حقه المشروع في إقامة دولته الحرة التي اغتصبها الكيان الصهيوني الذي يستخدم أبشع أنواع الأسلحة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل!
منهج واضح وإمكانات جبارة
وإحقاقًا للحق فإنه لا مجال للمقارنة بين إمكانات السينما العربية ونظيرتها الهوليودية، فالفارق شاسع جدًا تقنيًا وفنيًا وبشريًا وفكريًا وماديًا، وهو ما نعترف به ونلمسه تمامًا ونأسف له خاصةً في نوعية الأفلام التي تتعرض للشخصية العربية ولاسيما الشخصية الفلسطينية..
والتي إضافةً إلى تفوقها الكاسح في كل ما ذكرناه نجد لها أيضًا تفوقًا إضافيًا مهمًا للغاية، من حيث وجود سياسة ومنهج محدد ومخطط له بعناية فائقة تطرحه وتؤكده وتروج له في هذه الأفلام، ولا تكون في معظمها مجرد أفلام دعائية للشخصية اليهودية وتحريضية ضد الشعب الفلسطيني!
وذلك في مقابل الأفلام العربية التي من المفترض أنها تناصر الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وتقدم الشخصية الفلسطينية كشخصية مسالمة ومناضلة من أجل حقوقها المشروعة، ولكن جاءت كثير من هذه الأفلام دون المستوى المأمول فنيًا وبلا رؤية وهدف واضح لها وكذلك الشخصية الفلسطينية التي لم تكن مقنعة ومرسومة بالشكل الصحيح دراميًا..
هذا فضلًا عن فقر الإمكانات التقنية والبشرية مقارنةً بمثيلاتها العالمية، فلم تحقق تلك الأفلام المراد منها ولا هي أنصفت الشخصية الفلسطينية المظلومة والمشوهة تمامًا في السينما العالمية وفي السينما الإسرائيلية بالطبع!
زوهان وكارلوس
سيطرة الصهيونية على السينما الهوليودية أمر واضح وقديم ولا شك فيه، وقد ندد به مجموعة من نجوم وصناع السينما بهوليوود ودفعوا ثمن ذلك غاليًا!، أبرزهم العملاق الراحل مارلون براندو والنجمة فينيسيا ريد جريف والممثلان الإسبانيان الزوجان خافيير بارديم وبينلوبي كروز والمخرج الكبير أوليفر ستون..
فنجد على سبيل المثال حضور مكثف للرموز الدينية اليهودية في الأفلام بسبب وبدون سبب، كالشمعدان والنجمة السداسية والقلنسوة، ففي فيلم فرد كلوز مثلًا الذي يتحدث عن سانتا كلوز المسيحي وهداياه يسقط سانتا كلوز في مدخنة عائلة يهودية ترحب به وتكرم وفادته!.
على العكس من ذلك تمامًا جاء تعامل هوليوود مع القضية الفلسطينية والشخص الفلسطيني عبر العديد من الأفلام المسيئة من أشهرها.. ميونخ الذي تناول حادثة اختطاف مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين لعدد من الرياضيين الاسرائيليين المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية بمدينة ميونخ الألمانية مطلع السبعينيات إخراج ستيفن سبيلبيرج..
حيث تم تصوير الفلسطنيين بالفيلم كجماعة إرهابية مارقة تختطف دون أي ذريعة قانونية أو إنسانية مجموعة من الرياضيين الاسرائيليين وتروعهم وتقتل بعضًا منهم، مع عرض مشاهد من الأراضي المحتلة الغارقة في الفوضى والفقر والجهل والتي أفرزت تنظيمات إرهابية كما يزعمون!، مقابل تصوير المجتمع الإسرائيلي بالمدني المتحضر!
السخرية واحتقار العرب والفلسطينيين كان واضحًا جدًا في الفيلم الكوميدي لا تعبث مع زوهان، للمخرج دينيس دوجان والممثل اليهودي آدم ساندلر، الذي اخترع أسطورة المجند الاسرائيلي الذي لا يقهر زوهان في مواجهة الفلسطينيين الذين لا يمتلكون مقومات نضالية سوى الجعجعة والكذب والجري وراء الشهوات والنساء إضافة إلى الجهل العلمي والحضاري!.
وفيلم كارلوس الذي يعرض لشخصية المناضل الفنزويلي الفلسطيني الهوى راميريز سانشيز المعروف ب كارلوس حيث صوره المخرج أوليفر أساباس عكس الحقيقة على أنه زير نساء، كحولي، مهووس بالشهرة، يتصبب عرقًا ويخرج من فمه البصاق أثناء الحديث وكذلك رفاقه من المناضلين الفلسطينيين كمرتزقة يهددون الأمن والسلم العالمي!
فهل آن الأوان بعد أحداث عملية الأقصى والجرائم والمجازر التي ارتكبها ومازال الكيان الصهيوني وحرب الإبادة الجماعية التي يشنها ضد الشعب الفلسطيني المناضل، أن تستيقظ ضمائر بعض صناع السينما في هوليوود ليقدموا أفلامًا تنصف القضية الفلسطينية وتصحح صورة الشخص الفلسطيني في تلك الأفلام، وهل نحلم قريبًا بسينما عربية جديدة متطورة تليق بالعرب وتاريخهم، سينما تعكس الصورة الحقيقية للفلسطينيين وتفضح أكاذيب وادعاءات اليهود وأفلامهم؟!