سيوة وإن طال السفر
المدن مثل النساء.. قد تقع في غرام إحداهن من أول لقاء أو تقلب الصفحة بعد أول نظرة! وقد وقعت في غرام واحة سيوة من أول زيارة في العام الماضي، وكررتها بشغف واشتياق هذا العام.
أغوتني سيوة ببكريتها وذكرتنا بقرانا قبل أن يجرفها التحديث بالبيوت المسلحة التي تفتقد الحميمية والتواصل مع الأهل والجيران.
تخيل مساحة شاسعة تصل إلى 200 ك م2 يسكنها حوالى 45 ألف فرد فقط، وأغلب مساكنها عبارة عن أحواش من دور واحد، جزء للسكن والباقي جنينة يرتفع فيها أشجار النخيل وتضفي عليها شجيرات الزيتون جمالًاإضافيًا.
هناك.. تتنفس هواءً نقيًا ونظرك يمتد إلى مدد الشوف، خاصة لو علمت أن واحة سيوة فى وادى ينخفض تحت سطح البحر بحوالي 18 مترًا، وتضم أكثر من خمس بحيرات للملح وعشرات الآبار للمياه العذبة.
جمال سيوة
الطريف أن سيوة فى الجنوب الغربى من مرسى مطروح وعلى مسافة 300 ك م من ساحل البحر المتوسط، ومع ذلك فهى فى ملتقى عدة طرق للحجاج أو التجار، واهتم بها قدماء المصريين وأنشأوا فيها معبد التنبؤات وجاء بعدهم الفاطميون فأقاموا فيها عدة شهور، ثم استقر بها بعض قبائل الأمازيغ المغاربة وأنشأوا فيها قلعة شالى الحصينة لتحميهم من هجمات الأعداء وعصابات الصحراء.
والآن.. إذا كنت تبحث عن علاج بعد أن وصلت إلى مرحلة النفس تتألم والجسد يشكو فعندك الرمال البيضاء المحيطة بجبل الشيخ الدكرورى، والتى تتميز بارتفاع درجة حرارتها واحتوائها على بعض الإشعاعات المفيدة للجسد والتي تعالج العديد من الأمراض الروماتيزمية، مثل آلام الركب أو المفاصل أو فقرات العمود الفقري، وأيضا بعض الأمراض الجلدية مثل الروماتويد أو الصدفية.
وإذا كنت تبحث عن المتعة البصرية والاستجمام فعندك عيون كليوباترا، ومعبد التنبؤات، وجزيرة فطناس حيث أعجب وأحلى غروب للشمس، ثم قلعة شالى الحصينة، وجبل سيدي الدكروري حيث حفلات السمر ورحلات السفاري، مع الإقامة في أي من اثنين وثلاثين فندقًا مختلفة الدرجات السياحية، لكن جميعها تتميز بطيب الإقامة والتوافق مع البيئة، مع حُسن الاستقبال وكرم الضيافة.
وإذا كنت ذواقة وصاحب مزاج، فالأكل صحي وصابح وبخيره، فضلا عن التنوع ما بين اللحم الضانى أو البط البلدي، ناهيك عن البلح السيوي ذي الطعم المميز والشكل الجذاب. ونختم بسؤال: أليست سيوة قطعة عزيزة من بلدنا؟!
فكيف لا نعرف بلدنا ونقضي وقتا ممتعا مع أهلنا هناك؟! والذين يتمتعون بطيبة القلب وبشاشة الوجه وحُسن الاستقبال، فضلا عن كرم الضيافة.. والأدب التعاملي!
وإلى الأسبوع المقبل إن شاء الله للحديث عن تفاصيل "كورس العلاج الشعبي" وتكاليفه.