صبيان سفاح الجيزة
هل يمكن أن يتحول إنسان مسالم إلى قاتل أو مجرم إذ شاهد فيلما أو مسلسلا يتناول قصة حياة قاتل متسلسل؟ هكذا يسأل البعض، فيما يوجه البعض الآخر اتهامات مباشرة لصناع مسلسل سفاح الجيزة، الذي يعرض حاليا على إحدى منصات البث التدفقي، وهو من بطولة أحمد فهمي. فهل يمكن فعلا أن تؤدي مثل هذه المسلسلات أو الأفلام إلى تحفيز العنف ودفع المشاهدين إلى ارتكاب الجرائم؟
هناك العديد من العوامل التي تؤثر على احتمالية تحول الإنسان إلى قاتل أو مجرم، ومن بينها العوامل النفسية والبيئية والمجتمعية. في حين أن مشاهدة المسلسلات والأفلام عن القتلة المتسلسلين قد تلعب دورًا في تحفيز العنف، إلا أنها لا تؤدي إلى ذلك بشكل مباشر.
دراسات كثير بحثت في العلاقة بين مشاهدة العنف في وسائل الإعلام وارتكاب الجريمة. ووجدت بعض هذه الدراسات أن مشاهدة العنف يمكن أن تؤدي إلى زيادة عدوانية المشاهدين واحتمالية ارتكابهم للجرائم. ومع ذلك، فإن الدراسات الأخرى وجدت أن العلاقة بين العنف في وسائل الإعلام وارتكاب الجريمة ليست مباشرة، وأن هناك العديد من العوامل الأخرى التي تلعب دورًا في ذلك.
على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أن الأطفال الذين يتعرضون للعنف في المنزل أو المدرسة هم أكثر عرضة لارتكاب العنف بعد مشاهدة مسلسلات أو أفلام عن القتلة المتسلسلين. كما وجدت دراسة أخرى أن الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية، مثل الاضطرابات العقلية، هم أكثر عرضة لتقليد العنف الذي يشاهدونه في وسائل الإعلام.
العنف مع أطفالنا
وبالتالي، فإن مشاهدة المسلسلات والأفلام عن القتلة المتسلسلين قد تزيد من احتمالية ارتكاب الجريمة لدى الأشخاص الذين لديهم عوامل خطر أخرى، مثل مشاكل نفسية أو تعرض للعنف في المنزل أو المدرسة. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن مشاهدة هذه المسلسلات ستؤدي بالضرورة إلى تحول الإنسان إلى قاتل أو مجرم.
فهناك العديد من الأشخاص الذين يشاهدون هذه المسلسلات دون أن يتحولوا إلى أشخاص عدوانيين أو يرتكبون أي جرائم. وذلك لأن هؤلاء الأشخاص لديهم عوامل حماية تساعدهم على مقاومة تأثير العنف الذي يشاهدونه في وسائل الإعلام. ومن بين هذه العوامل الحماية وجود علاقات اجتماعية قوية مع العائلة والأصدقاء. والشعور بالانتماء إلى مجتمع قوي. ووجود قيم ومبادئ قوية ترفض العنف.
وبخصوص الأطفال، من البديهي أن مثل هذه الأعمال غير مناسبة لصغار السن.. ومع ذلك إذا كنت تمنع أطفالك من مشاهدة المسلسلات والأفلام التي تتناول الجرائم، فقد يشعرون بالفضول تجاه هذا النوع من المحتوى عندما يكبرون ويصبحون أكثر استقلالية. قد يحاولون مشاهدة هذا المحتوى على الإنترنت أو من مصادر أخرى. من المهم التحدث مع أطفالك حول سبب منعهم من مشاهدة هذا المحتوى، وشرح لهم أن العنف ليس حلًا.
أحد الأشياء المهمة التي يمكننا القيام بها هو مناقشة العنف مع أطفالنا. يمكننا أن نخبرهم عن التأثير السلبي للعنف، ونساعدهم على تطوير مهارات حل النزاعات بطريقة سلمية. يمكننا أيضًا تعليمهم القيم الأساسية مثل الرحمة والاحترام والتعاون.
من المهم أيضًا أن نكون قدوة لأطفالنا. إذا كنا نرغب في أن يكونوا غير عنيفين، فعلينا أن نكون غير عنيفين نحن أيضًا. يجب أن نتجنب العنف الجسدي أو اللفظي، ويجب أن نحل النزاعات بطريقة سلمية.
