رئيس التحرير
عصام كامل

مقام ومولد سيدى نجيب محفوظ !

منذ عامين كتبت لماذا لا نقيم مقام وعمل مولد سيدى نجيب محفوظ؟ وطبيعى هذا لا يعجب دراويش أديب نوبل، متهمين إياى بأننى أسخر من القامة العالمية وهذا لا يجوز، وربما البعض يقول لا يجوز شرعا ويحضر فتوى بتكفيرى بإبداع أديب نوبل، والحقيقة أننى لست ضد نجيب محفوظ، فمن أكون أنا والعالم شهد بإبداعه المهم؟ ولكن أرفض ما يحدث من البعض أو من دراويش نجيب محفوظ الذين يكاد يصفونه بالعصمة.. 

 

وهذا الأمر أرفضه وتعلمت من المفكر الكبير الدكتور فؤاد زكريا أن التعصب لأى شىء يفقده الموضوعية، بل ويفسد الرؤية، وأنا شخصيا لست من دراويش أديب نوبل، ولست درويشا لأى مخلوق كان، لكنى أحب وأقدر بشكل كبير يوسف إدريس الذى من حبى وعشقى لكتابات المتنوعة سواء المسرح أو القصة القصيرة أو المقالات كنت أتابعه وأنتظر كلماته في أى مجال..

 

وعشقى ليوسف ادريس كانت زوجتى ترسل لى الأهرام اسبوعيا في سلطنة عمان في النصف الأول من الثمانينات يوميا، مقال كل من يوسف ادريس وعبدالرحمن الشرقاوى، بل إننى حاولت تقليد يوسف إدريس في كتابة القصة القصيرة والمسرح، ومحاولاتى لاتزال في الادراج لم تر النور..

 

ومن الأسماء التى أحبها وأعشق ابداعها العبقرى يحيى حقي، فهو الساحر الذى يغوص في اعماق الحياة المصرية، وله رسالة عبر عنها بعبقرية فى قصة قنديل أم هاشم سواء القصة المطبوعة أو الفيلم، والبوسطجى الفيلم والقصة المطبوعة، بل إننى أحب يحيى حقى لدوره الذى لم يسبقه له أحد ولم يكرره أحد من بعده، فهو الذى احتضن الاجيال القادمة من الخمسينات والستينات وقدمهم كمبدعين واعدين، ولم يخيبوا ظنه.. 

 

منهم سعيد الكفراوى، المنسى قنديل، عزالدين نجيب..الخ، وربما لا تسعنى ذاكرتى الاسماء، وهناك كثير منهم محمد عبدالحليم عبدالله، أمين يوسف غراب، بهاء طاهر،  صبرى موسى.. الخ، وهؤلاء أرى إنهم مواهب مصرية تتلمذت على ابداعاتهم، وأرى إنهم في طي النسيان تماما، وهناك كثر ولكن ليس لى إرتباط قوى ببداعاتهم مثل الكبير إدورد خراط، توفيق الحكيم، عبدالرحمن الشرقاوى، سعد مكاوى،.. الخ.

دراويش أديب نوبل

دراويش نجيب محفوظ إختصروا الابداع المصرى في إبداع أديب نوبل، هذا يعنى أن مصر نضبت بعد محفوظ،  حكايتى مع نجيب محفوظ بدأت بافلامه التى يتبرأ منها، ثم قرأت الافلام قصص مطبوعة، والحقيقة وكما كتبت من قبل، لقد نجح نحيب محفوظ من خلق عالم خاص به، استطاع استنطاقه كما يريد، جعل من زقاق عدة أمتار أسطورة فى كتاباته..  

 

أيضا هناك موقف مع أولاد حارتنا وربما لا يعرف الكثيرين أنها قدمت في مسلسل فى رمضان عام 1970،  ولم يحدث مشاكل، عندما سافرت إلى سلطنة عمان 1983 وجدت أمامى قصة أولاد حارتنا طبعة بيروت،  وكنت قرأت عن رفضها وما حدث فى بداية نشرها، لهذا عندما قرأتها كنت متأثرا بكل ما قرأته فلم أستطع الاستمتاع أو الحكم عليها للأسف..

 

نجيب محفوظ بلا شك موهبة جبارة، وبعيدا عن مواقفه السياسية الغريبة والمثيرة للجدل، خاصة مهادنته للعدو الصهيونى وموقفه من كامب ديفيد، الذى جعل الكثير يتهمه بأن نال جائزة نوبل بسبب مهادنته للصهاينة، وفى أحد الندوات فى مركز سعد زغلول الثقافى عن عباس محمود العقاد فى ذكرى ميلاده، وذلك فى عام 2003،  وقف شاب خارجا عن موضوع الندوة بترديد هذا الاتهام..

 

 فتصدى له  الدكتور عبداللطيف عبدالحليم (ابوهمام ) احد تلاميذ العقاد ومريدى صالونه،  قال: أنا قرأت الكثير من ابداعات الفائزين بجائزة نوبل وجدت أن نجيب محفوظ لا يقل عنهم بل يتفوق على الكثير منهم.

 

لست ضد الاهتمام بأديب نوبل ولكنه ليس المبدع الوحيد، ولدينا ربما من هم اكثر التصاقا بالواقع المصرى، في الاسبوع احتفلت أكثر من جهة بمناسبة رحيل نجيب محفوظ، وجميعها جاءت أقل مما كان متوقع، ولكن أثار أحد الاصدقاء قضية مهمة، قال: هى مصر فقط حارة نجيب محفوظ؟ 

 

مصر هي سيناء ومطروح والنوبة والاسكندرية والصعيد والدلتا، أنا شخصيا معترض على اختصار مصر فى حارة نجيب محفوظ، يحيى حقى عبر عن الصعيد، بهاء طاهر فى واحة الغروب عبر عن عالم مصرى لم نراه من قبل، الكفراوى عبر عن القرية المصرية.. 

 

 

مصر ليست هى حارة نجيب محفوظ،  مصر اكثر تنوعا وعبقرية من هذه الحارة والزقاق وسى السيد، إحنا مصر من مينا إلى تحتمس إلى ايزيس، عرابى، قاسم امين،  محمد عبده حتى عبدالناصر..الخ، اعتقد هذا الرأى يتفق مع رأى إقامة مقام سيدى نجيب محفوظ ويبقى لدينا مولد كل عام في ذكرى ميلاده أو وفاته!

الجريدة الرسمية