الرئيس ينتصر للصحافة.. ويستمع للمجلس 39!!
في تاريخ نقابة الصحفيين أيام لا تنسى، ناضلت الجماعة الصحفية خلالها في مواجهة محاولات التضييق على حرية الرأي والتعبير.. وفي مسيرة هذا النضال أسماء عديدة سجلت كفاحها بأحرف من نور، ومن بين هؤلاء أتذكر المجلس رقم 39 لنقابة الصحفيين الذي شرفتُ بعضويته كأمين عام للنقابة كما شرفت بالكفاح معه ضد القانون المشبوه 93 الذي عرف أيامها بقانون اغتيال الصحافة.
انتفضت الجماعة الصحفية ضد القانون وظلت جمعيتها العمومية في حالة انعقاد دائم رغم مصادقة رئيس الجمهورية وقتئذ على ذلك القانون الذي لقى رفضًا غير مسبوق وتلقت النقابة في رفضه دعمًا كبيرًا من الاتحاد الدولى للصحفيين..
ولا أنسى رسالة الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل للنقابة، بعنوان"السلطة شاخت" والتى نشرها وقتها كاملة ودون إبطاء أو مواءمات أو حسابات خاصة الكاتب الصحفي الكبير الراحل إبراهيم نافع رئيس مجلس نقابة الصحفيين ورئيس تحرير ومجلس إدارة الأهرام.
مبارك وقانون حرية الصحافة
مجلس النقابة تحرك بوعى وموضوعية وفهم عميق لأبعاد أزمة القانون وتداعياتها دون إثارة أو تهييج أو استعداء للسلطة أو دخول في معارك جانبية بشعارات أيديولوجية فاستحق الدعم والتأييد من كل مكان ولم تجد السلطة غضاضة في مراجعة موقفها..
فلم تكن المعركة صفرية ولا تحديًا بل مجرد دفاع قوى عن مهنة كانت في خطر.. وهذا درس مهم في العمل النقابي ينبغى ألا ننساه، فالمطالبة بالحق حرفة، وليس حماسًا أجوف.. المجلس أدار حوارًا مع الدولة وقابل وزير الداخلية وقتها اللواء حسن الألفى وشرح له مبررات رفض القانون بأسلوب عقلاني لكن يبدو أنه لم يستوعب حجم المخاطر ولا أبعاد الموقف..
ولم ييأس المجلس بل أصر على مقابلة وزير الإعلام وقتئذ صفوت الشريف الذي واحقاقا للحق تفهم الموقف وأدرك بحسه السياسي خطورة ما يحتويه القانون من قيود على حرية الصحافة، ومن ثم فقد ضرب يومها الترابيزة بيده قائلًا: “لم يبق إلا أن نطلب مقابلة الرئيس مبارك”.. وهو ما تحقق في نهاية المطاف.
نقيب الصحفيين كلفنى بالاتصال بالصحف لتكتب خبرًا عما دار في اجتماعنا مع صفوت الشريف، واقتراحه طلب لقاء رئيس الجمهورية لشرح وجهة نظرنا وبالفعل استجاب الرئيس مبارك فورًا لهذا المطلب.. وبالفعل ذهب مجلس النقابة بكامل هيئته ليلتقي الرئيس في مبنى الرئاسة..
ودار حوار هاديء استمع خلاله مبارك لأعضاء المجلس ثم أبدى اندهاشه من ملاحظاتنا على القانون، وقال إنه لم يكن يتصور أن يكون القانون بكل هذا السوء..
وكلف على الفور بتشكيل لجنة برئاسة الدكتور مصطفى كمال حلمى رئيس مجلس الشورى وقتها وتضم 6 من أعضاء مجلس النقابة بالإضافة إلى شخصيات عامة سياسية وقانونية لهم ثقلهم ومكانتهم وأذكر منهم الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون البرلمانية وقتها.. لإعداد قانون جديد يضمن حرية الصحافة والرأي والتعبير وعدم حبس الصحفيين في قضايا النشر.. وهو ما تحقق بالفعل.. وللحديث بقية!