رئيس التحرير
عصام كامل

اعتذروا.. أو اعتزلوا!

لابد أن الصدمة كانت قاسية.. ولابد أن أصوات السباب كانت مرتفعة، تتنازعها نوبات السعال وحشرجات الغضب، ولابد أن السماء تلقت لعنات ودعوات بالفناء على من ضلل وغرر، وعلي من أخبر فكذب..
 

ذهب 11 مليون مصرى، أول أمس إلى البنوك، وماكينات الصرف، ومكاتب البريد ليصرفوا معاشاتهم الشهرية، والتى تبلغ في الإجمال 214 مليار جنيه، ولم يجدوا مليما واحدا زيادة علي معاشاتهم المقررة منذ آخر زيادة قررتها الحكومة بعلاوة 15%، وقررت صرفها في أبريل قبل موعدها الرسمي السنوى في يوليو رحمة بأصحاب المعاشات.


من أين استقى الأحد عشر مليون مواطن كبير السن وكبير المقام وكبير الاحتياج.. معلوماتهم السارة حول وجود زيادة جديدة يقبضونها مع أول سبتمبر؟


يعلم الناس جميعا الأخبار من التنادي علي البوستات، وبعدها يرجعون للتأكد علي المواقع الإخبارية، وقد لا يحدث ذلك دائما، فهناك أشرار في الحارة يحبون تدبير المقالب، ينشرون أنهم صرفوا بالفعل، وأن زيادات كبيرة قادمة بالتأكيد.. بعين الشك ينظر معظم الناس إلى هؤلاء باعتبارهم بهلوانات الحارة، أنهم كذابون لكن دمهم خفيف، وتعود الناس منهم علي هذه المقالب..

صدمة المعاشات


فما بال الناس الذين صدقوا طيلة الشهر الماضي، من يوم عشرة أغسطس تقريبا إلي عشر ساعات فقط قبل صرف المعاش واستقبال صدمة أن لا زيادة.. نعم دأبت صحيفة حتى عشر ساعات قبيل الصرف، وموقع كنت أصفه دائما بأنه يبالغ ويغاير ويغير الحقيقة، استخدم أخف المفردات تعبيرا عن حقيقة ما فعلوه، وكانوا يزعلون، علي نشر عناوين عن موعد الصرف وقيمة الزيادة..


حسنا لقد صرفنا المائتي مليار جنيه والفكة التى فوقهما، دون مليم واحد، فتخيلوا حال الناس الذين اشتروا كراتين بيض، واشتروا لحوما، وخزنوا فراخا، وضاعفوا الأجبان بألوانها، ثم لم يجدوا إلا السراب؟


هل كذبت عليهم الحكومة، كلا ! الشهادة لله كلا.. كذب عليهم زملاء محترمون، وصحف محترمة..
هل اشتكاهم أحد من المتضررين؟ ما هي الجهات التى يمكن التقدم بشكوى إليها؟ أولا يمكنك أن تشكو رسميا إلى السيد رئيس التحرير.. ويمكنك أن تشكو رسميا إلى السيد نقيب الصحفيين، ويمكنك أن تصعد الغضب والحزن إلى السيد رئيس الأعلي للإعلام في شقه الصحفي.

 

لكن عموما، الشكوى الآن -وغير الآن- لغير الله هوان ودوران حول الكرة الأرضية. ماذا تفعل كإنسان عادي محترم حين تضبط آثما؟ والله حسب ضميرك.. قلنا انه عادي ومحترم، إذن يوجد ضمير.. عندئذ ستهب معتذرا، وتصحح الخطأ وتعلن الحقيقة، ولن تكابر، لأن المكابر يعرض عنه الناس، وبه يستهزئون..

 


هل اعتذرت المواقع التى هللت وبشرت وهي مرتكبة فعل التضليل؟ هل خانتها المصادر وبلغتها الخبر ثم تنصلت منه؟
المصيبة أن الصحف التى خدعت الناس كذبت في العنوان وصدقت في المتن.. أي في النص!
يا زملائي الأعزاء..أو من تبقى.. صونوا كرامة المهنة لكي يحترمنا المسئولون.. هيبة المهنة من صدقها، ومن شجاعتها بلا طبل ولا غوغائية.
سأمسك عن سكب المزيد..

الجريدة الرسمية