رئيس التحرير
عصام كامل

الفن وسنينه

مرعي ليس البريمو ومحمد هنيدي يصر على الفشل!

الكوميديا أحب الألوان الفنية إلى الجمهور خاصةً في ظل الأوضاع  الصعبة التي نعيشها وهي بمثابة المتنفس له، والسينما المصرية لها تاريخ حافل مع هذه النوعية عبر العديد من النجوم العظام الذين أثروا المكتبة السينمائية بمئات الأعمال الكوميدية التي لم تكتف برسم البسمة على الوجوه، بل وطرحت أفكارًا مهمة أيضًا منذ العبقري نجيب الريحاني ومرورًا بعلي الكسار فاسماعيل ياسين وعبد السلام النابلسي والقصري ف فؤاد المهندس ثم عادل إمام وسعيد صالح حتى جيل المضحكين الجدد بزعامة محمد هنيدي والراحل علاء ولي الدين ومحمد سعد وهاني رمزي وأحمد حلمي..

 

ورغم تراجع هؤلاء فنيًا وجماهيريًا بشكل كبير في السنوات الأخيرة إلى أن هنيدي وحلمي ظلا في السباق يحاولان العودة إلى المجد السابق ولكن دون جدوى حتى الآن! والأول تحديدًا الذي كان رأس الحربة في هذا الجيل بأفلام كان أغلبها جيدًا وحصدت إيرادات كبيرة في وقتها مثل صعيدي في الجامعة الأمريكية، همام في أمستردام، جاءنا البيان التالي، آمير البحار، رمضان مبروك أبو العلمين حمودة..

 

ولكن شهدت أفلامه التالية منحنى هبوط شديد فنيًا وجماهيريًا فلم يقدم فيلمًا مقبولًا منذ أكثر من 11 عامًا! وبلغ ذروة التراجع  مع فيلمه الأخير د نبيل أخصائي تجميل وأحدث أفلامه مرعي البريمو والذي دفع  الكثير من النقاد والسينمائيين إلى القول بأن هذا الفيلم بمثابة بداية النهاية لمسيرة هنيدي كنجم كوميدي كبير!

الاستعانة بالحرس القديم


إزاء التراجع الفني الكبير لمحمد هنيدي في أفلامه الأخيرة، قرر اللجوء إلى الاستعانة بالحرس القديم من شركاء النجاحات الأولى علهم يساعدونه في عبور عنق الزجاجة التي وضع نفسه فيها بمحض إرادته ويعيدونه إلى سابق أمجاده، فأسند إخراج فيلمه الجديد مرعي البريمو إلى مخرج أنجح أعماله القديمة صعيدي في الجامعة الأمريكية وهمام في أمستردام وجاءنا البيان التالي سعيد حامد بعد مضي 18 عامًا على تعاونهما الأخير في فيلم يا أنا يا خالتي والذي لم يحقق النجاح بالمناسبة! وهو  البعيد عن السينما منذ ما يقرب من 15عامًا ! 

 

كما عاد للعمل مع غادة عادل بعد 23عامًا منذ فيلم بلية ودماغه العالية ولكن هيهات! كما استعان بأحد المؤلفين الشباب ليكتب له الفيلم الذي هو فكرته بالأساس! هو إيهاب بليبل صاحب التجارب المعدودة في السينما ومتوسطة وقليلة النجاح مثل أوشن 14، حامل اللقب، جروب الماميز، مع فريق تمثيل عادي بأسماء مثل.. أحمد بدير، محمد محمود، علاء مرسي، مصطفى أبو سريع، نانسي صلاح والمذيعة إنجي على..

 

كما حاول هنيدي بصفته منتج الفيلم 'لدي معلومة أنه حصل على 10أفلامٍ  كمنتج منفذ من شخصية عربية كبيرة' إضفاء الطابع التجاري على الفيلم، بتقديم أغنيتين بالفيلم واحدة بعنوان طبطبلي له مع فريق شارموفرز والثانية ديو بين عبد الباسط حمودة وأحمد شيبة، أما  قصة الفيلم فهي تدور حول المعلم مرعي البريمو الصعيدي الذي يتاجر في البطيخ ويقول عنه إنه كل حياته وبذره إخواته وأهله الذي لا يعرف عنهم شيئًا! لدرجة أنه يزحم به بيته أيضًا! 

 

وهو متزوج من جمالات -غادة عادل ويعيش معهما في بيتهما والدها- محمد محمود وجدها لطفي لبيب، ولكن فجأةً تتغير حياة هذه الأسرة رأسًا على عقب عندما يتم اختطاف مرعي ليجد نفسه أمام جده لأبيه- أحمد بدير وأختين غير شقيقتين.. 

 

وعندما يتأكد الجد من أن مرعي هو حفيده عن طريق العلامة التي في جسده يبوح له بسر خطير وهو أنه خوفًا عليه وعلى حفيدتيه من زوجيهما الأشرار باع كل ممتلكاته واشترى مجموعة من أحجار الألماس التي تقدر بعدة ملايين من الجنيهات، وأنه قرر أن يعطيها إياه ليحفظها بعيدًا عن كل الطامعين فيها..

 

فتخطر على بال مرعي فكرة غريبة بإخفاء الألماس في ثمرتي بطيخ ببيته ويميزهما عن باقي البطيخ بكلمة البريمو! ولكن حدثت مفاجأة مدوية عندما أخبرته زوجته أنها باعت كل البطيخ الذي في البيت لأحد التجار لتشتري عدة أساور ذهبية حتى لا تكون أقل من صديقاتها! ومن هنا تبدأ رحلة البحث عن ثمرتي البطيخ الأغلى في العالم وسط مجموعة من المفارقات والمطاردات تنتهي بحيلة من مرعي تعيد له الألماس المفقود.

فقدان البوصلة


قصة الفيلم تبدو أشبه بفيلم هندي قديم مما كنا نتندر عليه!، فهو مقتبس من عدة أفلام مثل فيلم أفراح لحسن يوسف ونجلاء فتحي وإخراج أحمد بدرخان عام 1968، وبه مشاهد منقولة من أفلام أخرى مثل مشهد حبس مصطفى أبو سريع في ثلاجة الفاكهة الكبيرة على غرار مشهد فريد شوقي في فيلم الفتوة! والأحداث معظمها غير منطقية ومسلوقة ومتفصلة لهنيدي فقط! وهو أقل فيلم للمؤلف إيهاب بليبل حتى الآن!


أما عن التمثيل فحدث ولا حرج.. هنيدي في أضعف حالاته الفنية واللياقية الكوميدية، مواقف ملفقة لتدر الضحك ولكنها لا تفعل، إيفيهات قديمة عفا عليها الزمن يعيدها هنيدي من جديد مثل 'إحنا في رحلة خليك فريش' والتي قالها منذ 25عامٍ في فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية، غادة عادل لا جديد مازالت تدور في دائرة الأدوار التي تنتقص منها في السنوات الأخيرة!

 

أحمد بدير لم يساعده الدور على تقديم بصمته ونفس الحال مع علاء مرسي والباقون لم يلفت أحد منهم الانتباه، المونتاج لم يكن جيدًا في بعض المشاهد التي كان فيها قطع مفاجيء! ومن الأشياء الإيجابية النادرة في الفيلم الموسيقى التصويرية لخالد حماد، أما الإخراج فواضح جدًا مدى تأثير الفترة الطويلة التي ابتعد فيها المخرج سعيد حامد عن السينما!

 


أخيرًا فيلم مرعي البريمو الذي قال عنه هنيدي قبل عرضه إنه فيلم على أعلى مستوى ومفاجأة في كل شيء! جاء فعلًا مفاجأة غير سارة سببها فقدان هنيدي لبوصلة جمهوره وترمومتره الذي يعرف به ما يقدمه له، فحدثت له حالة من الانفصال عنه جعلته مازال يعيش في الماضي الجميل!،فكانت النتيجة هذا المرعي الذي أخشى أن يكون بداية منحنى السقوط السريع لواحد من أكثر نجوم الكوميديا نجاحًا وجماهيرية في ال25عامٍ الأخيرة.

الجريدة الرسمية