الفن وسنينه
نجوم يهدرون موهبتهم تحت شعار الكم أهم من الكيف!
يمر الفنان خاصةً الممثل بثلاث مراحل في مشواره، المرحلة الأولى مرحلة البدايات والتي قد يلعب الحظ والصدفة دور البطولة فيها فيجد نفسه بطلًا لعمل بعد أن اختصر له الحظ نصف الطريق، أما في غالبية الأحيان يكون على الفنان أن يعاني ويحفر في الصخر حتى يصل إلى الشهرة، المرحلة الثانية مرحلة الانتشار والتي فيها يبحث الفنان عن تأكيد نجاحه السابق بالمزيد والمزيد من الأعمال وهو ما قد يجعله يخطئ في بعض اختياراته الفنية والفنان الذكي هو من يتجاوز هذه المرحلة الدقيقة بأقل الخسائر..
أما المرحلة الثالثة والأخيرة والتي تسمى مرحلة النضج وفيها يصبح الفنان أكثر نضجًا من الناحية الفنية واسمه راسخًا ومن ثم عليه التدقيق بشدة في اختياراته التي تصير محسوبة بدقة تامة حفاظًا على تاريخه وما حققه من نجاحات سابقة، ومن ثم فيها يرفض أعمالًا كثيرة قد لا تضيف له..
ولكن في الحقيقة نجد أن معظم الفنانين في مصر لا يلتزمون بمتطلبات هذه المراحل ويضربون بها عرض الحائط! فنجدهم في مرحلة النضج والشهرة الكبيرة يكثرون من تقديم الأعمال بشكل غير مسبوق في السينما والتليفزيون والمسرح إضافةً إلى البرامج والإعلانات إلى آخره، بالدرجة التي تجعل الجمهور يشعر بالزهق والملل والتشبع التام من هؤلاء الفنانين خاصةً وأن غالبية ما يقدمونه دون المستوى ولا يضيف لتاريخهم!
والأمثلة على ذلك عديدة في الوقت الحالي، ولعل الأسباب التي تدفع هؤلاء الفنانين الكبار الى هذا السقوط والتنازل الفني قد تكون مادية في المقام الأول في البداية ولكنها تتحول بعد ذلك إلى طمع ورغبة في التواجد دائمًا بصرف النظر عن شكل هذا التواجد وقيمته، إضافةً إلى حالة اللامبالاة والإنكار التي تصيب بعض هؤلاء الفنانين فيفقدون معها جزءا كبيرا من حب وتقدير وتعاطف الجمهور معهم!
حنفية بيومي
لا خلاف على الموهبة الكبيرة والقبول الشديد اللذين يتمتع بهما الفنان بيومي فؤاد، الذي صار في وقت ما كالملح في الطعام لا غنى عنه ولكنه أفرط بشدة في استخدام هذا الملح حتى أصبح مضرًا بالصحة! فقد نلتمس له العذر في البداية حيث كافح وعاني كثيرًا لمدة تزيد عن ١٥ سنةً حتى عرفه الناس من خلال الجزء2 من مسلسل الكبير أوي مع أحمد مكي..
ومن ثم كان عليه تعويض كل سنوات الحرمان والصعلكة الفنية بالمزيد والمزيد من الأعمال التي تجاوزت الـ 250عملًا متنوعًا بين التليفزيون والسينما والمسرح والإذاعة وتقديم البرامج والإعلانات كل ذلك في زمن قصير لا يتعدى 12عامًا فقط! وهذا رقم قياسي لم يتحقق لفنان من قبل ولا حسد!
حتى صار بيومي فؤاد أشبه بالحنفية التي لا تغلق الا عند النوم فقط! وبعد أن كان بيومي فؤاد يقدم الأعمال الجيدة في بدايات شهرته مثل.. طرف ثالث، رقم مجهول،، لا مؤاخذة، هي ودافنشي، صار لا يلتفت إلى ذلك في أغلب الأحيان في السنوات السبع الأخيرة التي شهدت ذروة سيل أعماله التي وصلت إلى 27 عملًا متنوعًا في العام الماضي ونحو 23 عملًا حتى الآن هذا العام!
وهو لا يمانع من أدوار البطولة التي لم تحصد سوى الفشل الذريع في شباك الإيرادات بأفلام منها.. ماما حامل، مغامرات كوكو، اتنين للإيجار، أو من الأدوار الثانية والثالثة ولا حتى ضيوف الشرف! وأرى أنه ليس وحده المسؤول عن هذه الظاهرة فقد شارك فيها المنتجون والمخرجون الذين لا يرون سوى بيومي فؤاد ولا بديل له حتى أنه وهذا ما يدهشنا قد صرح من قبل أنه لا يقبل سوى أقل من ربع الأعمال التي تعرض عليه!
عمرو وفارس المدينة
عمرو عبد الجليل من الفنانين الموهوبين الذين كانت بداياتهم تبشر بنوعية مختلفة من الممثلين، ولكن صادفه حظ عاثر أبعده لسنوات عن الأضواء قبل أن يعيده المخرج خالد يوسف للسينما بأفلام مثل هي فوضى، حين ميسرة، كلمني شكرًا..
ثم توالت أعماله وشهدت طفرة في الكم على حساب الكيف وصار يشارك في 10 أعمال متنوعة في العام الواحد بل وبات المنافس الأول لبيومي فؤاد في عدد الأعمال التي يمثلها وأعتقد أنه هو الآخر يحاول تعويض ما فاته عندما خاصمه المخرجون والمنتجون لسنوات.
أما الفنان الكبير محمود حميدة صاحب الأعمال والأدوار السينمائية المهمة منذ بداية المشوار بأفلام مثل.. الإمبراطور مع أحمد زكي، فارس المدينة للمخرج محمد خان شمس الزناتي مع عادل إمام وإخراج سمير سيف، إنذار بالطاعة مع ليلى علوي وإخراج عاطف الطيب، إسكندرية نيويورك ليوسف شاهين، بحب السيما، ملك وكتابة وغيرها..
فبعد أن كان مقلًا في أعماله مفضلًا الكيف على الكم، تغير 180 درجة وصار ينتهج العكس فكثرت أعماله خاصةً في السينما خلال السنوات الخمس الأخيرة وكان أغلبها أقل بكثير مما قدمه من قبل ومن هذه الأعمال.. ريجاتا، أهواك، الغسالة، قط وفار، هارلي، وأخيرًا مطرح مطروح.
الفاجومى وغادة
خالد الصاوي واحد من أكثر الفنانين موهبةً وحضورًا على الساحة الفنية، فكل عمل يقدمه يترك فيه بصمته الخاصة المختلفة عن الآخرين وتشهد على ذلك سلسلة أعماله في السينما والتليفزيون مثل.. جمال عبد الناصر، الفاجومى، الجزيرة، كباريه، الفرح، خاتم سليمان، هي ودافنشي، وأخيرًا مذكرات زوج..
ولكنه في السنوات الأخيرة فعل مثلما فعل محمود حميدة وقرر أن يرفع شعار الكم على حساب الكيف ومن ثم وجدنا له أعمالًا ضعيفة ومتوسطة ومع فنانين أقل منه بكثير مثل.. مغامرات كوكو، صندوق الدنيا، أحمد نوتردام، للإيجار، تماسيح النيل وغيرها.
أخيرًا تأتي النجمة غادة عادل ضمن الفنانين الذين يرفعون شعار الكم أولًا ولا يدققون في اختياراتهم كما كانوا يفعلون في مراحل أخرى من مشوارهم الفني، ولعل أعمالها في السنوات الأخيرة لخير دليل على ذلك مثل.. أهواك، الخطة العايمة، ولاد رزق 2، ساعة إجابة، البطة الصفرا والتي لا تضيف لها بأي حال من الأحوال.