كيف نحكم علي فساد الملك فاروق من عدمه؟
كثيرون يتصدون الفترة الأخيرة لنفي فساد الملك فاروق.. رافضين الاتهامات التي وجهت إليه وأحيانا يستندون إلي طرح لأحد المستأرخين مؤكدين أن الرجل ظلم وما كان يستحق ذلك! وحتي اللحظة فكل ذلك كلام إنشائي مرسل.. لا القائل شاهد عيان ولا اقترب من أحد شهود العيان ونقل عنه، ولا استند لشهادات اقتربوا من القصر ومن صاحبه ولا حتي من يستندون اليهن من مستأرخين شاهدوا ولا اقتربوا ولا تابعوا ولا يقدمون وثيقة واحدة تؤكد بعض كلامهم أو ينفي بعض كلامهم الآخر!
حتي أن بعضهم تسأله: لماذا تقول أنه لم يكن فاسدا؟ يرد: الدكتورة لميس جابر قالت ذلك!! وما دليل لميس جابر نفسها؟! حواديت بلا أصل تاريخي وبلا أي منهج علمي أو غير علمي، وطبعا بلا وثائق أو مستندات أو شهود أحياء حتي بمذكراتهم!
فساد فاروق
طيب هذا أيضآ ينطبق علي من يقولون بفساده.. فكيف يمكن إذن إثبات اتهاماتهم وأحكامهم؟! الواقع هنا يقول خلاف ذلك.. فالكتب التي تتحدث عن فساد فاروق كثيرة.. ولكن البعض سيقول إنها صدرت في فترة الثورة وبالتالي جاملت النظام!
وهذا قول به بعض المنطق.. حتي لو كانت لكتاب كبار لم يمس سمعتهم شيء حتي اللحظة مثل الكبير أحمد بهاء الدين وكتابه المهم "فاروق ملكا" ومع ذلك نستبعده تماما، لكن وقياسا وانحيازا للحقيقة لا يمكن تجاهل كتاب "غرائب عصر فاروق وبداية الثورة المصرية" وهو ذاته بطبعة أخري كتاب "شاهد علي حكم فاروق" ولكن بإصدار آخر ولدار نشر أخري..
وهنا نقف أمام مذكرات وزير داخلية الملك.. وهذه مذكراته.. أي شهادته.. وقد نشرت قبل سنوات قليلة كان الملك وعبد الناصر والسادات قد رحلوا!! ويالتالي لا تأثير علي المؤلف إلا من ضميره وحجم فساد فاروق كبير جدا!
الدكتورة لطيفة سالم.. المؤرخة الكبيرة.. وتقريبا رسالتها للدكتوراه عن الملك فاروق.. وقد بذلت جهدا خرافيا لجمع شهادات ووثائق ومذكرات ومحاضر جلسات البرلمان ومجلس الوزراء.. والكتاب ليس في صالح فاروق بالمرة وهي رسالة علمية وليس ضربا بالودع ولا موقفا سياسيا.. حتي انها انصفت الملك في سنواته الاولي وقد كان صغيرا حتي سيطرت عليه بطانة السوء!
الخلاصة: من لا يعرف ولا يفهم أسس الكتابة التاريخية وأصولها ومناهجها عليه ان يتوقف تماما عن الخوض في ما لا يعرفه.. باختصار: يخرس تماما! في مثل هذا اليوم عام 1952.. رحل فاروق عن مصر!