رئيس التحرير
عصام كامل

حكاوي زمان، التحليل النفسي للتعاسة الزوجية على طريقة أحمد رجب

حكاوى زمان، فيتو
حكاوى زمان، فيتو

فى مجلة الجيل عام 1963 كتب الكاتب الساخر أحمد رجب مقالا عن التعاسة والفشل فى الزواج قال فيه:
غير صحيح أن الزواج حظ، وغير صحيح أن الزواج الناجح هو ورقة يانصيب رابحة، والزواج الفاشل هو ورقة لم تظهر نمرتها فى الليستة وليست المشكلة فى معظم الزيجات الفاشلة هى مشكلة اثنين تنافرت طباعهما مصادفة حتى تعذر عليهما التفاهم والمضى فى الحياة معا. 

 

وليست المشكلة أيضًا هى مشكلة زوجة رماها حظها التعيس فى طريق شريك أحال حياتها إلى جحيم.. إن هذا قد يحدث فى القصص والأفلام، ولكنه قلما يكون صحيحا فى الحياة الواقعية. والصحيح أن المصابين بالاضطراب النفسى يبحثون عن بعضهم بعضا بانتظام عجيب، ويربطون بعضهم إلى بعض بدقة لا مجال للمصادفة فيها. 

 

أن الاضطراب النفسى الذى يهدم الحياة الزوجية فيما بعد هو الخيط القوى الذى يشد بين الرجل والمرأة فى أول الأمر. أن هذا ليس رأيى ولكنه رأى العلم إنه رأى يكشف عنه الدكتور صبرى جرجس الأخصائى النفسى فى كتابه الطب النفسى فى الحياة العامة، يؤكد فيه أن كل حياة زوجية تزدحم بالمتاعب ليست مسألة مصادفة ولا سوء حظ، بل إن الاختلال النفسى يجمع بين كل زوجين تعيسين، كما أن الانسجام النفسى يجمع بين كل زوجين سعيدين. 

 

فلماذا مثلا يعذب الرجل زوجته ويشقيها فى حياتها ولماذا تتسم تصرفاته نحوها بالعدوان على الكرامة والكبرياء وأحيانا كثيرة بالضرب. إن السنوات الحاسمة من حياة الرجل هى التى تحدد هل سوف يكون سعيدا ام تعيسا فى السنوات الأولى من طفولته عندما تكون العلاقة بينه وبين امه أهم علاقة به فى حياته، فمثلا الطفل حين يستيقظ ويطلب الطعام وينتظر الأم لحظات حتى تطعمه.. 

 

هذه اللحظات على قلتها تحدث صدمة شديدة له فهى إعلان عن ضعفه وحاجته إلى أمه. وكل صدمة يقابلها الطفل بالغضب تخرج للتعبير عن نفسه فى طاقة اسمها العدوان وينسب إلى أمه كل اتجاه عدائى.. 

 

لكن ينحرف الموقف عن حقيقته ويراه الطفل على النحو الزائف أنه ليس هو الغاضب من أمه، بل هى غاضبة عليه وتحول بينه وبين رغباته هى قاسية تود أن تؤذيه، ويظل ذلك كامنا فى اللاشعور. ولما كانت الزوجة هى امتداد للعلاقة الانفعالية بالأم فإن هذه العقد تنشط معه فى انطلاق مخرب، وتزداد العدوانية وضوحا عندما يكبر الطفل بالشقاوة ولأن علاقته بوالديه قدسية والعدوان تجاههم خطيئة فيصبح عاجزا عن التعبير عن طاقته العدوانية. 

 

 

ويمر الطفل بهذه المرحلة بسلام وقد تظل عدوانيته فى العقل الباطن ويتحول الألم المكبوت إلى اللذة وتخلق بذلك مواقف تعرضه للعند والمذلة وهى المشاعر التى أصبحت لذته اللاشعورية بالرغم من أنه يبدو أنه يعترض عليها وينكرها. أن الرجل من هذا النوع لا ينحاز إلا إلى الزوجة التى تشقيه والزوجة لا تختار إلا الرجل الذى يسقيها الهوان.

الجريدة الرسمية