حكاوي زمان، نصيحة لكل ست بيت.. حاربي الغلاء وجنون الأسعار على الطريقة الإنجليزية
مع ظهور موجة غلاء في الأسعار في العالم فى السنوات الأولى من الخمسينيات، ازدادت الأسعار في مصر، وارتفع سعر اللحم بشكل كبير، فبعد أن كان بـ اربعة قروش ارتفع إلى 13 قرشا للكيلو، ففي مجلة المصور عام 1954 كتب الشاعر والصحفى صالح جودت مقالا جاء فيه:
عشت في لندن أياما عصيبة غلاء متوحش وكان كل شيء فيها بالبطاقات بدون مبالغة حتى القبلات، كان كل الجنود الأمريكيين يملأون شوارع لندن فكانت القبلات من شفاه بنات التايمز من الفاتنات لا تنال إلا بنوع من البطاقات اسمه “الدولار”
لكن الحكاية التى أرويها اليوم حكاية جادة لا مازحة.. جاء زميل لنا من لندن منذ أيام فقال لى: إن البطاقات قد ألغيت وأن القيود المفروضة على توزيع المواد الغذائية الأساسية وفى مقدمتها اللحم قد ألغيت منذ أول مارس ..1954
حدث هناك مثل ما حدث عندنا من قبل فى ظروف مشابهة وقعت عدة مرات، فما كادت القيود ترفع والتسعيرة تلغى حتى عمد القصابون إلى رفع سعر اللحم أربعة أمثال ما كانت عليه. غضبت ربات البيوت كما غضبت أخوات لهن فى مصر من قبل، لكن غضبهن هناك اتخذ مظهرا عمليا رائعا جاء لهم بنتائج مبهرة..
فقد أحجمن جميعا عن شراء اللحم واستمر إضرابهن عن شرائها سبعة أيام متتالية، فلم يدخل فيها بيت واحد لحما اللهم إلا بعض سيدات أرادت أن تجامل زوجها فى يوم ميلاده أو فى عيد زواجهما ، فاشترت شيئا من اللحم وقدمته إليه فى طبق شهى تحية لعيد ميلاده..
وللمناسبة عامة تأمل الزوج طبق اللحم الشهى وقال لها: من أين لك هذا؟ قالت: اشتريته من السوق بسعر غال طبعا. تجهم الزوج وغضب وقال: إننى أشكر لك عاطفتك الجياشة ولكنى ما كنت أحب لك أن تخالفى قرارا أجمعت عليه ربات البيوت فى سبيل الصالح العام وضد جشع التجار.
حمل الزوج طبق اللحم بين يديه وألقى به فى صندوق الفضلات. واستطرد الزميل العائد من لندن يقول لى: بعد سبعة أيام وجد القصابون أنهم أضعف من أن يقاوموا قرارا لربات البيوت فاضطروا إلى الهبوط بسعر اللحم إلى مستوى دون مستواه حتى فى أيام البطاقات.
وأخيرا.. إلى زوجتى وإلى كل ربة بيت ونحن فى أزمة حادة للأسعار وخاصة اللحوم أهمس بهذه القصة لتكون درسا وعبرة على الله ستاتنا المصونات يفهموا الدرس.