أسعار الدواء ترفع الضغط وتجيب السكر!
منذ فترة طويلة ينكر مسئولو هيئة الدواء المصرية زيادة أسعار الأدوية خاصة محلية الصنع، ويؤكدون أنه لا تحريك ولا مساس بأسعار هذه الأدوية، تلك الهيئة التي تم تأسيسها في عام 2019 لتتولى التسعير والرقابة والبحوث الدوائية على المستحضرات والمستلزمات الطبية، ويصر هؤلاء المسئولون في ردهم على طلبات الإحاطة لأعضاء مجلس الشعب على إنكار كل الاتهامات التي وجهت إليهم من أعضاء البرلمان بتحريك أسعار الأدوية الحيوية.
ويؤكدون عدم دقة المعلومات والأرقام التي استشهدت بها لجنة الصحة بالنواب، موضحين أن الهيئة حركت عددًا قليلًا من الأصناف وفقًا للتسعيرة المحددة من قبل الهيئة لتضرر بعض الشركات من الخسائر، نتيجة ارتفاع أسعار المستحضرات الطبية ومستلزمات الإنتاج.
هذا رغم استنكار المتخصصين في صناعة وتجارة الدواء لتصريحات مسئولي هيئة الدواء، مؤكدين ارتفاع عدد كبير من الأصناف، ثم انضمت لها قائمة كبيرة من الأصناف عقب الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري.
ارتفاع أسعار الأدوية
لكن مؤخرا ذكر رئيس شعبة الأدوية بغرفة القاهرة التجارية، أن بعض أسعار الدواء المحلي ارتفعت بنسبة تصل إلى 30% خلال الشهر الجاري. وأضاف أن نحو 70 شركة رفعت أسعار أدويتها لكافة التصنيفات سواء لأدوية مزمنة أو غيرها بنسبة تتراوح بين 25 و30% خلال الشهر الأخير في السوق المصري.
وأرجع ارتفاع أسعار هذه الأصناف إلى زيادة تكلفة بعض المواد التي تدخل في تكوين الدواء، فضلا عن ارتفاع مصروفات تشغيل المصانع من عمالة ومرتبات الموظفين. وأكد أنه لا يمكن أن يتم تسعير دواء وزيادة سعره بدون الرجوع إلى هيئة الدواء التي تقر هذه الزيادة بناءً على مستندات رسمية مقدمة من الشركة المنتجة.
وأشار إلى أن أسعار الفيتامينات والمكملات الغذائية شهدت ارتفاعات أيضا، خلال الشهر الماضي وبنسب متفاوتة تبدأ من 20% وتصل إلى 70%. وأضاف أن أسعار المكملات الغذائية حرة ولا تخضع لتسعيرة جبرية، ويتم التسعير من المصنع دون إلزامه بسعر محدد لأنها ليست من الأدوية.
إذا هذا رد قاطع على مسئولي هيئة الدواء يؤكد ارتفاع أسعار الأدوية بل يؤكد ما ذهب إليه منذ عام تقريبا الرئيس السابق لشعبة الصيادلة بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، الذي أكد أن الزيادة في الأسعار "تجري بشكل يومي تقريبًا". لافتًا إلى أن هناك عددًا كبيرًا من الأصناف، خصوصًا التي تستخدم في علاج الأمراض المزمنة، مثل أدوية علاج الضغط والسكر والقلب، "ارتفعت بنسب تتفاوت بين 20 و60 في المائة على أقل تقدير عقب اندلاع النزاع بين موسكو وكييف".
مصنعوا الأدوية وهيئة الدواء
ومن المعلوم أنه في يناير عام 2017، حرّكت الحكومة المصرية أسعار أكثر من 3 آلاف صنف دواء، بعد أقل من 60 يومًا من قرار تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في نوفمبر 2016 بنحو 50 في المائة للأصناف التي تقل أسعارها عن 50 جنيهًا، و40 في المائة بالنسبة للأصناف التي يزيد سعرها على 50 جنيهًا، و30 في المائة على الأصناف التي تزيد أسعارها على 100 جنيه.
والغريب أن مسئولي الهيئة الذين ينكرون زيادة الأسعار هم أنفسهم الذين يوافقون على تلك الزيادة حيث يؤكد رئيس لجنة الصحة باتحاد المستثمرين المصريين، إن مصنعي الأدوية "لا يمكنهم تحريك أسعار الأصناف من دون موافقة هيئة الدواء".
ويؤكد أحد الخبراء أن بعض الأدوية يسمح لها بتحقيق هامش ربح معقول لتغطية تكلفة إنتاج أدوية هامش ربحها قليل أو قد لا تحقق ربحا على الإطلاق، وحينها يستمر صانع الدواء أيضا في إنتاجه، لأن له مصلحة بالاستمرار في إنتاج أدوية قد لا تكون مربحة لكن لها سمعة بسبب اسمها التجاري، ويكون بمثابة قاطرة تقود بقية إنتاجه من الأدوية التي تؤدي على تحقيق مكاسب.
ويذكر أن بعض الأدوية كانت تستحق أن ترتفع، لأن أسعارها كانت قليلة للغاية، ومع ارتفاع تكاليف الإنتاج سواء الأجور أو الكهرباء أو الشحن، كان لابد من تحريك بعض الأسعار لكن بعض الأدوية ارتفع سعرها مرتين في غضون شهور قليلة والمشكلة أن صناعة الأدوية أصبحت تعتمد على الشركات الاستثمارية وأصبح حضور الشركات الوطنية قليلا للغاية بسبب عدم تطويرها، حتى أن بعض قياداتها أصبحوا يعملون في شركات استثمارية. ومن المعلوم أنه في مصر هناك أكثر من 200 شركة منتجة، والأدوية المسجلة في مصر تتجاوز 26 ألف دواء.
ولا شك أن الدولة تحاول التخفيف عن كاهل الموطنين من خلال حملات الصحة التي تستهدف الكشف والعلاج بالمجان أو بأسعار مخفضة، لكن ذلك لا يعني أبدا علاج مشكلة ارتفاع الأدوية، حيث المرضى الفقراء يعانون أشد المعاناة في توفير علاج لهم، ويبحثون عن الأدوية للأمراض المزمنة فيجدونها بأسعار مرتفعة جدا مما يجعلهم يحجمون عن شرائها..ويذهب البعض لتجربة الأعشاب والطب البديل وذلك يفاقم حالتهم الصحة.
لذا ينبغي ان يكون هناك تدخل حاسم من مجلس الوزراء بالتسعير الجبري لبعض الأدوية للأمراض المزمنة، مع وجود آلية ليصرف المرضى الفقراء تلك الأدوية بالمجان.