مؤشر مديري المشتريات ونمو الاقتصاد الخاص
هناك تقرير أجد أنه من الأهمية والإفادة بصورة لا تتناسب مع الاهتمام به وإظهاره وتحليله ليعكس الكثير من الحالة الاقتصادية لمصر في خلال شهر، تلك الحالة الخاصة بالقطاع الخاص غير النفطي، وهذا التقرير في حقيقة الأمر هو ما تعتمد عليه بعض المنظمات الاقتصادية الكبرى في تحليل الوضع الاقتصادي لمصر؛ رغم عدم تركيز المصريين أنفسهم عليه..
ويصدر هذا التقرير عن مؤسسة ستاندرد آند بورز جلوبال -وتقيمه وتهتم به وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية- شهريا تحت عنوان مؤشر مديري المشتريات، تستعرض فيه أهم تطورات النشاط التجاري والإنتاجي والتصديري للقطاع غير المنتج للنفط، بالإضافة إلي مستويات التوظيف ونسب المخزون وأداء الموردين.. حيث يتناول التقرير عرض التطورات الأخيرة والنتائج الحديثة للمؤشر الكلي ودراسة نتائج المؤشر في إطار السياق العالمي والإقليمي والأسباب والانعكاسات الاقتصادية.
بلا شك إذا يعد مؤشر مديري المشتريات من المؤشرات الاقتصادية الهامة، نظرًا لأنه يقدم نظرة عامة عن حالة الاقتصاد للدولة في القطاعات الصناعية والخدمية، كما أنه يُعبّر بشكل خاص عن ظروف التشغيل والعمل داخل الدولة (القطاع الخاص غير النفطي)، ويوفر المؤشر ملخصًا لظروف السوق، ويجيب عن تساؤلات هامة: هل وضع السوق كما هو؟ أم يتوسع؟ أم يتقلص؟.
تذبذب سعر الصرف ومؤشر مديري المشتريات
فإذا كانت النتائج عند أعلى من 50 نقطة، فإن ذلك يدل على نمو في القطاع الخاص غير النفطي، أما إذا كانت عند 50 نقطة فدلالة ذلك أنه لا توجد تغيرات في ظروف قطاع الإنتاج غير النفطي، والانخفاض عن 50 نقطة يعني تراجعًا وانكماشًا، أي يدل على الدخول في حالة ركود ناتجة عن انكماش في ظروف التشغيل.
وتذبذب سعر الصرف يؤثر على مؤشر مديري المشتريات، لكنه أحد الأسباب المؤثرة في الانخفاض وليس السبب الرئيسي. وفيما يخص تأثير تقرير مؤشر مديري المشتريات في القرارات الاقتصادية، فمن المعروف أن الشركات تستخدم هذه البيانات والمعلومات التي يوفرها مؤشر مديري المشتريات في التنبؤ بالتدفقات النقدية والتخطيط لمستويات التوظيف والميزانية السنوية لها، وبالتالي في ظل الانخفاض فإن ذلك سيحد من أي فرص للتوسعات المستقبلية لهم، بجانب اتخاذ قرار الانكماش.
وقد أظهر أخر تقرير أن وتيرة تدهور نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر انخفضت إلى أقل مستوياتها في آخر 22 شهرا، بمعنى أن هناك تقدما ملحوظا في ذلك القطاع عن الأشهر الماضية التي تاثر فيها بشدة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وما سبقها من تداعيات كورونا وانكماش الاقتصاد العالمي وتدهور وضع الجنيه في مقابل الدولار، وذلك التقدم الملحوظ للمؤشر يأتي مع تراجع ضغوط التضخم بشكل طفيف.
وسجل مؤشر مديري المشتريات "PMI" ارتفاعا للشهر الثالث على التوالي، ليصل خلال يونيو إلى 49.1 نقطة مقابل 47.8 نقطة في مايو الماضي، وهو أعلى مستوى له منذ شهر أغسطس 2021 ويشير إلى انخفاض هامشي بشكل عام. ويعد مستوى الـ50 نقطة هو الحد الفاصل بين النمو والانكماش في هذا المؤشر، والذي يعتمد في دراسته على بيانات مجمعة من مسئولي المشتريات التنفيذيين في أكثر من 400 شركة من شركات القطاع الخاص تمثل هيكل اقتصاد مصر غير المنتج للنفط.
وقال التقرير إن اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر ظل تحت الضغط في نهاية الربع الثاني، حيث أشار مؤشر مديري المشتريات مرة أخرى إلى تدهور ظروف الأعمال. وأضاف أنه مع ذلك، انخفض كل من الإنتاج والطلبات الجديدة بمعدلات أضعف، مما دفع المؤشر الرئيسي إلى أعلى مستوياته في 22 شهرًا ليُشير إلى انخفاض هامشي منذ شهر مايو.
في الوقت ذاته، تراجعت ضغوط التضخم بشكل طفيف وظلت أضعف بكثير من المستويات القياسية التي سجلتها في شهر يناير. وتابع التقرير: "مع ذلك، انخفض مستوى التوظيف الشهر السابع على التوالي في شهر يونيو في ظل ضعف الثقة بشأن الـ 12 شهرًا المقبلة. وفي الواقع، كانت معدل التفاؤل هو ثاني أدنى معدل مسجل".
مؤشر مديري المشتريات والتضخم
وقال جو هايز في ستاندرد آند بورز جلوبال ماركت إنتليجنس: "حافظ مؤشر مديري المشتريات في مصر على صعوده في شهر يونيو، واقترب من مستوى الـ 50.0 نقطة الذي يشير إلى الاستقرار. ووصل المؤشر إلى أعلى مستوى له منذ ما يقرب من عامين مسجلًا 49.1 نقطة".
وأضاف: كان الإنتاج والطلبات الجديدة وراء استمرار ارتفاع مؤشر مديري المشتريات في شهر يونيو، والذي أظهر كذلك تراجعا في معدلات الانخفاض وسط تقارير من بعض الشركات المشاركة في الدراسة تفيد بأن هناك بوادر على انتعاش الطلب.
وتابع: سوف يُنظر إلى تراجع ضغوط التضخم بشكل إيجابي أيضًا. بعد الزيادات الحادة في الأسعار التي سجلت في بداية العام، أفاد عدد أقل من الشركات بوجود ضغوط تكاليف مرتفعة تراجع المعدل الإجمالي لتضخم أسعار مستلزمات الإنتاج إلى أدنى مستوى له في 16 شهرًا خلال شهر يونيو، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الإنتاج بمعدل أضعف قليلا.