رئيس التحرير
عصام كامل

التعليم متعة أم أشغال شاقة؟!

هل التعليم أصبح عقوبة يسعى أولياء الأمور قبل الأبناء على سرعة الانتهاء من قضائها؟ الإجابة للأسف الشديد نعم، والسبب غياب متعة التعليم والتى تؤدى وحدها إلى الإبداع والتقدم، وأنا ممن يعتقدون عدم وجود طفل غبى، ولكننا لا نجهد أنفسنا في ايجاد الوسيلة لأكتشاف الجانب العبقرى في تفكيره كى نوجهه اليه.


ويحضرنى قصة تروى عن نانسي إليوت والدة العالم العبقرى توماس أديسون، فقد تلقت ذات يوم رسالة حملها الطفل الصغير من أستاذه بعد عودته من المدرسة، وعندما قرأتها الأم  أمام نظرات ولدها المترقبة لمحتوى الرسالة أغرورقت عيناها بالدموع وهي تقرأ بصوت عالٍ لطفلها: “ابنك عبقري.. هذه المدرسة متواضعة جدًا بالنسبة له وليس لديها معلمين جيدين بما يكفي لتعليمه.. من فضلك علِّميه في المنزل”.


عانقت الأم  ولدها وأخبرته ألّا يقلق، وأنها مِن تلك اللحظة ستهتم بتعليمه بنفسها، وهذا بالضبط ما حدث، ونجح أديسون فى حياته وأصبح من كبار المخترعين ومن كبار رجال الأعمال  بعد اختراعه العديد من الأجهزة التي كان لها أثر كبير على البشرية، مثل المصباح الكهربائي ونظام توليد القوة الكهربائية وتوزيعها على المنازل والشركات والمصانع وتطوير جهاز الفونوغراف أو الجرامافون وآلة التصوير السينمائي وتطوير مولد الطاقة الكهربائية وتسجيل الصوت والصور..

 
وبعد سنوات من وفاة والدته وبعدما أصبح  أديسون أحد أعظم المخترعين في العالم كان يفتح خزانته القديمة، وجد الرسالة  القديمة المطوية من معلمه.. تذكرها.. فتحها ليقرأها بنفسه لأول مرة  ليجد هذه الكلمات: “إبنك متخلف عقليًا.. لا يمكننا السماح له بالذهاب إلى مدرستنا بعد الآن”!


أى عكس ما قرأته أمه عليه منذ سنوات طويلة.. وكتب أديسون في مذكراته "كان توماس أديسون طفلًا يعاني من نقص عقلي حولته والدته إلى عبقري".


يعنى استطاعت الأم تحويل النقص العقلي إلى عبقرية، والسؤال كيف نحول عملية التعليم إلى متعة حتى لا يكون التعليم أشغال شاقة مؤبدة لأطفالنا وهم في عمر الزهور، وأولياء الأمور طبعا.. نحن لا نخترع العجلة.. أتحدى أن يكون التعليم فى اليابان أو أوروبا بنفس هذا الكم الضخم من المعلومات في كل عام دراسي.. الطفل الصغير لا يستطيع حمل حقيبته من وزن الكتب فما بالكم بحجم المعلومات التى كنا ندرس مثلها فى الجامعات.

تدريب المدرسين وتبسيط المناهج


المهم وبعيدا عن المنهج علينا إعداد المدرس وهو حجر الزاوية في العملية التعليمية، وأقترح أن تفتح الكليات والجامعات أبوابها صيفا للمدرسين لتحديث وتنشيط الذاكرة بكل ما جديد علميا وبث أون لاين لهذه المحاضرات على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع.


وبعد تنشيط ذاكرة المدرسين علينا الوصول للهدف وهو أن يكون الطفل مستمتعا بالتعليم بتدريب المدرسين.. والوسائل لا نهائية، وحجر الأساس هو المدرس وطريقة تعامله وتفاعله مع تلاميذه وتنمية روح التعاون داخل الفصل وجعل الطفل يفكر ويبحث ويشارك في الدرس.


وأعتقد أن مسرحة المناهج  والأداء التمثيلى للمدرس مع إشراك الطلاب فيها قد يكون أحد الوسائل، 
مثلا بعض الطلاب ينامون أثناء حصة التاريخ لأن المعلم يقرأ الدرس أو يطلب من أحد الطلاب قراءته.. والأمر سيختلف تماما لو تفاعل المدرس مع الطلاب أثناء الدرس.

 
وأذكر أن أحد مدرسي التاريخ ومازلت أتذكر إسمه منذ عشرات السنوات وإسمه الأستاذ صلاح مظهر كان يقوم بأداء تمثيلى بالجسد واللهجة واللكنة للشخصيات التاريخية مثل محمد على وعمر مكرم ونابليون وأحمد عرابى.. الخ حتى حببنا في التاريخ وكنا نخرج من الحصة وقد دخلنا إلى التاريخ بشحمنا ولحمنا.


ماذا يحدث لو سألنا الطلاب ماذا سيفعلون لو كانوا في مكان الشخصية المركزية في الرواية أو التاريخ.. مثلا ماذا تفعل لو كنت مكان محمد على وأنت تحارب المماليك وإذا كان الدرس حول قضية اجتماعية يكون النقاش مع الطلاب ووجهات نظرهم.


هناك  مدرسون حببونا في الرياضيات وآخرون كرهونا في مواد أخرى، والحل كما يقول الخبراء إدخال فن القص والحكى والأداء التمثيلى لو لزم الأمر، جعل الدرس قصة تروى وتحكى مع الاستفادة من الميديا المختلفة.

 
في درس المسرح، ليطلب المدرس من الطلاب تجسيد الشخصيات وتأدية الحوارات حتى يكون  لديهم الرغبة في فهم ما يجري من أحداث بشكل عملي، وإذا كنا فى درس للعلوم فى الكيمياء العضوية، نجعل كل طالب يجسِّد مُركَّبًا كربونيًَّا، ونصنع قصةً من التفاعلات الكيميائية!
 

 

للأسف التعليم أصبح عبئا وهما وروتينيا، والكارثة الأكبر هو الشعور بأن التعليم ليس الوسيلة للارتقاء في المجتمع أو الحصول على المال بعد أن رأوا من يحصل على المال أو الشهرة قد يكونون غير متعلمين أصلا!
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية