إسكات المدافع مع نهاية العام!
تتهيأ الأطراف الضالعة في حرب روسيا والناتو عبر أوكرانيا، إلى مفاوضات تنهى الحرب اللعينة، التى يسدد الاقتصاد العالمي كله، شرقا وغربا، فاتورة الخسائر الفادحة. زار وليم بيرنز مدير الاستخبارات الأمريكية كييف وإلتقى بالدمية الأوكرانية زيلينسكي، وبحث معه وفقا للمصادر الامريكية استراتيجية بدء مفاوضات سلام، وأن تكون هذه المفاوضات مع نهاية العام.
أي أن هناك أفقا زمنيا يمتد لستة أشهر، يعتبرها زيلينسكي رئيس أوكرانيا فترة حاسمة لقبول بلاده عضوا بالاتحاد الاوروبي، وتعتبرها واشنطن ضمن استراتيجيتها الجديدة مجالا زمنيا يفضى إلى بدء التفاوض.
الموقف على الأرض يحدد طبيعة المساومات ومداها وعمقها علي طاولة المتفاوضين، فالمهزوم نهائيا لا يتفاوض الإ على شروط التسليم، أما نصف نصر نصف هزيمة، فموقف يسمح بمناورة واسعة لكلا الطرفين، ربما يمضي وقت عصيب بهما قبل ان يقبلا فكرة لا منتصر ولا مهزوم، ويقتسمان معا الخسائر والغنائم.
تمرد فاجنر وموقف أوكرانيا
مسرح العمليات حاليا يشهد الهجوم المضاد الذي تشنه منذ ثلاثة أسابيع القوات الأوكرانية، بخطط عمليات غربية، ومستشارين من الغرب، وبجنود وقادة تم تدريبهم، ويقطع قادة كييف بأن ال 26 ألف جندي وضابط الذين دربتهم واشنطن وبريطانيا ودول أخرى لم يتم الدفع بهم بعد إلى العمليات.
لا تجرى الأحداث وفق الأمنيات الأوكرانية والغربية، فالهجوم المضاد كسب القليل جدا من الأراضي، وهم يقيسون المكاسب بالأمتار، والكيلو متر الواحد، في الوقت الذي صارت فيه الدبابات الأوربية والامريكية صيدا سهل المنال للمدفعية وللطائرات والصواريخ الروسية.
حقيقة الموقف العسكرى للقوات الاوكرانية المهاجمة عبر عنه الرئيس الامريكي جو بايدن بأن نتائج الهجوم المضاد صادمة، والغرب يعلم ان الجيش الأوكراني يتحمل خسائر فادحة بلا مبالغة، ووصفها بوتن بالكارثية.
تتعلل القيادة الأوكرانية بأن الغرب بطئ في توفير الذخائر والمعدات والعتاد الثقيل، ويواصل زيلينسكي الالحاح على التعجيل بتسليم بلاده طائرات F16، وليس يغيب عن فطنة احد انه يقدم مبررات التراجع والبطء في المواجهة مع القوات الروسية المتمترسة بصلابة علي الخطوط في الجنوب والشرق.
موقف أوكرانيا علي الأرض ضعيف والخسائر فادحة، دما وجنازير، كما أن تمرد فاجنر، والحنكة التى ادار بها بوتن الموقف، أتى بنتائج عكسية، إذ كثفت موسكو ضرباتها علي الجبهات، وأظهر الجنود والضباط الروس صلابة درامية في مواقعهم داخل الاراضي التى احتلوها في أوكرانيا.
ويلفت النظر بقوة تعهد الغرب، أوروبا وواشنطن معا بضخ المزيد من المليارات، سلاحا وأموالا، وهم يعلمون أن الموقف على الأرض لا يعكس فعالية تلك المليارات التى يسددها دافع الضرائب في أوروبا وفي أمريكا.
وإذا كان ذلك كذلك، فما الذي يدفع واشنطن الى الكشف عن استراتيجية تفاوض بين موسكو وكييف مع نهاية العام؟ هل تغير الموقف الغربي وأعتبر أن روسيا كان محقة في مخاوفها الامنية، ومن ثم العمل علي طمأنتها؟ هل ستقبل موسكو سحب قواتها من الأراضي الأوكرانية كافة، وهذا أمر مشكوك فيه؟ هل سوف تتنازل أوكرانيا عما وقع بقبضة بوتين من أراض؟
ما أساس التسوية القادمة؟
أوراق كثيرة لاتزال خفية ومخبأة.. لكن الأيام المقبلة ستكشف المزيد، وعموما فإن قنوات الاتصال باقية بين الغريمين الكبيرين، موسكو وواشنطن، لكن علينا أن نتذكر تصريحا لافتا لهنرى كيسنجر عجوز السياسة الخارجية الأمريكية المحنك لعقود عن بدء خطة تفاوض بين موسكو وكييف نهاية العام بوساطة صينية.. فهل تحركت واشنطن لتغلق الطريق علي الدور الصيني؟
ونتابع..