نور الشريف: أنا وشاهين ونصيحة الملك؟
بدايةً كل عام وحضراتكم بخير وسعادة وعيدكم مبارك، أعاده الله علينا جميعًا باليمن والسلام والبركات، في هذه الأيام المباركة آثرت ألا أناقش موضوعًا فنيًا شائكًا أو أطرح قضية ملحة وجادة للمناقشة والتحليل كما تعودت في أغلب مقالاتي، فلم أجد أفضل من أن نعود سويًا إلى عبق الذكريات الشيقة والثرية والملهمة والمعلمة التي أمتعنا بها صديقي الراحل العظيم الفنان المؤسسة نور الشريف رحمه الله، والتي خصني وشرفني بها وياله من شرف وذكرت بعضًا منها في مقالات سابقة..
وها أنا أنهل منها مرة أخرى في هذا المقال على وعد بتكرار ذلك كلما سمحت لي الفرصة إن شاء الله، وفيه يحكي لي ولكم الأستاذ نور عن نصيحة ونبوءة له من إثنين من عمالقة الفن السابع كان لهما أثر كبير في مشواره.
نصيحة الملك
لم أفكر يومًا في أن أكون منتجًا سينمائيا لأنها عملية صعبة ومعقدة وتحتاج لمهارات خاصة إضافةً إلى الإمكانيات المادية الكبيرة التي لم أكن امتلكها، وذلك حتى نصحني بذلك الفنان الكبير الملك فريد شوقي، الذي كان ومازال مثلي الأعلى وأرجو أن يكون مثلًا لكل الأجيال القادمة من الفنانين، وعندما سألته: ليه يا أستاذ ؟ قال لي بالحرف الواحد: علشان تبقى خط دفاع ليك.. عندما يحبسك المنتجون في دور واحد..
والمتابع لمشوار الملك يكتشف ذلك، فالمنتجون كانوا يفضلونه دائمًا في دور الفتوة وحش الشاشة لأن هذه النوعية كانت تحقق لهم مكاسب مادية كبيرة، ولكن جاءت فترة وحدث تشبع عند الجمهور من هذه النوعية، ومع ذلك لم يفكر أحد من المنتجين في تغيير هذه الأدوار التي يعرضونها على الأستاذ فريد شوقي وهنا لجأ الفنان القدير إلى خط دفاعه..
وهي شركة إنتاجه الخاصة فقدم نفسه بشكل جديد تمامًا في أفلام إنسانية جميلة وناجحة مثل: هكذا الأيام، ومضى قطار العمر، لا تبكي يا حبيب العمر والأخير كان لي شرف مشاركته فيه مع الجميلة ميرفت آمين، وبهذه الأفلام عاد العملاق فريد شوقي إلى القمة في الإيرادات والأجر مرة أخرى..
وقد عملت بنصيحته على الفور وأسست مع زوجتي وشريكة كفاحي ونجاحاتي بوسي شركة NB بعد سنوات قليلة جدًا من احترافي الفن، والشركة أنتجت 9 أفلامٍ كان أولها دائرة الانتقام عام 1976 الذي قدمت فيه سمير سيف مخرجًا لأول مرة، وأخرها العاشقان الذي طرحت نفسي فيه كمخرج لأول مرة أيضًا عام 2001.
نبوءة شاهين
مثلما لم يكن الإنتاج في تفكيري أو من أحلامي، كان الإخراج السينمائي كذلك! فالإخراج بالنسبة لي كان ومازال هواية لا احتراف، لأنني أشفق على المخرجين من هذه المهنة الشاقة، خاصةً عندما يضطرون إلى تقديم أعمال غير مقتنعين بها أو راضين عنها!
والذي لا يعرفه الكثيرون أنني أخرجت عدة مسرحيات منذ أن كنت طالبًا بمعهد الفنون المسرحية ثم بعد ذلك أخرجت مسرحيات مثل سهرة مع الضحك، محاكمة الكاهن، كفاح طيبة ولم أشارك بالتمثيل فيها، وأخيرًا مسرحية الأميرة والصعلوك التي لعبت بطولتها مع الفنانة منال سلامة على خشبة المسرح القومي..
أما الإخراج للسينما فقد فكرت فيه لأول مرة عام 1982 وكان أول من توسم في خيرًا في هذا المجال، المخرج العبقري يوسف شاهين عندما كنت أصور معه فيلم حدوتة مصرية أول لقاء لنا سويًا في السينما، حيث كانت تطول بالساعات نقاشاتنا وحواراتنا عن كل ما يتعلق بالسينما خاصةً الإخراج..
فقلت بيني وبين نفسي قد أخوض هذه التجربة يومًا ما، ولكن انشغالي بالتمثيل والإنتاج أجل هذه الخطوة حتى عام 2001، حيث أغراني سيناريو مبدعة أفلام الرومانسية كوثر هيكل التي قدمت معها أنا وبوسي أحد أجمل أفلام الرومانسية وأنجحها حبيبي دائمًا فقررت أن أخوض به تجربة الإخراج السينمائي التي فكرت فيها منذ ما يقرب من 20عامًا..
فكان فيلم العاشقان بطولتي مع بوسي وعزت أبو عوف وشويكار والقدير عبد المنعم مدبولي، ويدور في قالب رومانسي عن قصة حب غير تقليدية بين إثنين في منتصف العمر.. بين رجل أرمل ولديه ابنة وحيدة وامرأة تعمل محامية ومخطوبة لرجل ثري، ورغم كل الصعوبات والمكائد التي يتعرضان لها إلا أن حبهما ينتصر في النهاية.