كيرة والجن.. مع الاعتذار لفريقه كله!
انتقلت عادتنا في مشاهدة بعض الأعمال الرمضانية بعد انتهاء الشهر الفضيل إلي الأعمال السينمائية التي أثارت جدلا أو حققت نجاحا.. آخر تلك الأعمال هو كيرة والجن لكريم عبد العزيز وأحمد عز وهند صبري.. نسج أحمد مراد أحداثا حقيقية في النصف أو حتي الثلث الأول من القرن العشرين في عمل واحد..
أحداث كبيرة وأسماء عظيمة.. من جريمة الاحتلال البريطاني ضد فلاحينا في دنشواي إلي مجازر ثورة 19 وما بينهما وما بعدهما في ربط متقن لا تشعر معه أن الفيلم من خيال المؤلف، ليس فقط لحقيقة الأحداث حتي لو تباعدت زمنيا، لكن لحقيقة الشخصيات التاريخية أيضا..
فهذه دولت فهمي وقد استشهدت علي يد أهلها في مأساة مكتملة، وهذا الهلباوي يخلد في سجلات الخونة حتي يكاد يتحول الاسم نفسه إلي اسم كودي للخيانة! وهناك لي ستاك سردار قائد الجيش المصري وتصفيته حقيقيا يشهد عليه شارع القصر العيني وكان الثمن باهظا ولأسرة عنايت بطلان في الموقعة ومعهم آخرين من خيرة شعبنا !
أداء الممثلين يتجاوز وصف الممتاز والحديث عن الفيلم فنيا بعد الهنا بأشهر يكون مرهقا وربما يكون مضحكا ولا يبق مخرج من ذلك إلا القول أن كيرة والجن شحنة وطنية هائلة رصدت وأبرزت نضالنا للحصول علي الاستقلال والحرية وكان ذلك بتضحيات هائلة بلغت في ثورة 19 وحدها ال ثلاثة الاف شهيد وهو الرقم الأدق عند الرافعي وعند الكثيرين بحساب شهداءنا بطول مصر وعرضها وحتي نهاية العام.. وليس بحسبة أيام الثورة الاولي كما يقول البعض !
مروان حامد تفوق جدا علي نفسه وعلي غيره، والعمل كله رائع، والصدفة وحدها حددت لنا مشاهدته قبل يوم واحد من عيد الجلاء الذي يوافق 18 يونيو حيث رحل فعليا آخر جندى بريطاني.. ذلك الذي لم يتحقق إلا علي يد أبناء الجيش العظيم في ثورة يوليو 1952.. حقيقيا وكاملا.. وليس شكليا وصوريا كما في تصريح 28 فبراير 1922!
شكرا لصناع الفيلم وخالص الاعتذار عن التأخير في مشاهدة فيلم بهذه الصيغة لفريقه كله خصوصا مؤلفه الصديق المحترم أحمد مراد والعزيز المبدع مروان حامد وعلي أمل انتظار عمل قادم وتاريخنا يعج بعشرات من الأحداث والبطولات وكلها تلهب الشعور الوطني وتضعه في مساحته اللائقة ودرجة حرارته الحقيقية..