بين الإمامين محمد عبده وأحمد الطيب!
بين الإمام الأكبرالدكتور أحمد الطيب وبين الإمام محمد عبده قواسم مشتركة؛ فإذا كان الأخير دعا بقوة للتقريب بين أصحاب الديانات السماوية، وأنشأ -أثناء إقامته في بيروت- مجلة كتب فيها مقالات تسلط الضوء على المبادئ التي تتشارك فيها الديانات والطوائف في مسعى حميد لإقناع الجميع بترك مسببات الخلاف والتوحد خلف ما يتم التوافق والاتفاق عليه؛ انطلاقًا من عالمية الإسلام الذي يجمع بين البشر ولا يفرقهم.. فإن الإمام الطيب خطا على النهج ذاته خطوات عملية أبعد توجت بتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية التي صيغت بطابع إنساني لا يستطيع مَن يقرؤها تمييز هل كُتِبت بقلم إسلامي أم مسيحي..
لتجسد قيم الإنسانية والسلام، وأعلى درجات التفاهم بين اثنين من أهم رموز الأديان فى عصرنا الحديث؛ وهما الإمام الطيب وبابا الفاتيكان فرنسيس الثاني، لإنجاز وثيقة هى طوق نجاة لأزمات الإنسان المعاصر.
الإمام الطيب لا يكف عن التأكيد على مباديء مهمة لعلاج أوجاع البشر عبر رسائله التي لا تجد للأسف اهتمامًا إعلاميًا في بلادنا، وآخرها ما ورد بكلمته التاريخية أمام مجلس الأمن الدولى الأسبوع الماضي؛ حيث خاطب العالم أجمع شعوبًا وقادة، وبرأ ساحة الإسلام مما ينسب إليه زورًا وبهتانًا بأنه دين انتشر بالسيف والتصقت به للأسف شبهة الإرهاب عبر تهويل ممارسات مرفوضة جاء بها بعض من ينتسبون إليه زورًا وبهتانًا..
رغم أن التاريخ يشهد أن الحرب في الإسلام حالة استثنائية وضرورة للدفاع عن النفس بل إن السَّلام بينَ النَّـاس جوهر ديننا الحنيف وسائر الأديان الإلهيَّة قبله.. وجاهر الإمام الطيب بحقيقة ناصعة مفادها أن سياسات الهيمنة العالمية والفلسفات المادية والمذاهب الاقتصادية هي المسئولة عن الإرهاب.. وليس الإسلام.
شيخ الأزهر أعاد التأكيد على أن الإسلام يحرِّم أيَّ ممارسة لإجبار الناس على تغيير العقائد والأديان؛ فمبدأ القرآن أنه لا إكراه في الدين، بل إن التعارف قانون إسلامي يَحْكُم العلاقات بين الأمَمِ والشُّعوب فلا مكانَ لنظريَّاتِ الصِّدام والصِّراع والهيمنة في ظلِّ الرؤية القُرآنية للعلاقات الدولية.
ولأن الاختلاف حجر الزاوية في مفهوم الخلق الإلهي للإنسان فقد بين الإمام الأكبر أن محاولات اصطفاف الشعوب خلف دين أو ثقافة أو حضارة واحدة مصيرها الفشل.. لأنها تسبح ضد إرادة الله؛ مطالبا مجلس الأمن والمجتمع الدولي بالإسراع بإقرار دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس وحماية المسجد الأقصى، وإطفاء الحروب العبثية في منطقـتــنا وعالمنا.. وما خلفته من مآس وآلام وأحزان ليتها تتوقف لتنهى معاناة البشر.