رئيس التحرير
عصام كامل

موت الفجأة إنذار للأحياء!

فُجعت بموت الزميل الخلوق سامي عبدالفتاح مدير تحرير المساء أحد أبناء دفعتي بكلية الإعلام والذي رحل فجأة عن دنيانا أمس.. هذا المشهد لم يفارق خيالي.. رغم أن الموت أكثر الحقائق صدقًا في حياتنا، ولا يكاد يمر يوم دون أن نشيع عزيزًا إلى دار الحق.. نشعر بالصدمة ثم يعترينا ألم الفقد، ثم سرعان ما ننسى، ونعود إلى ما كنا عليه.. منا من يتعظ ويتغير ومنا من أصم أذنه وأغلق عقله في استقبال رسائل السماء!


ورغم أن الموت غاية كل حي، وفيه قال الله تعالى لنبيه الكريم: "إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ"..وقال أيضًا "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ".. فلا يزال من البشر من لا يعمل لهذا اليوم حسابًا.. فيظلم نفسه وغيره.. ويهضم حقوق الناس.. ويطغى ويغتاب ويأكل أموال الناس بالباطل.. ولم يتوقف لحظة ليرى حقيقة أنه ليس هناك مهرب من الموت.. فكلنا جنازات مؤجلة.. نعرف أننا راحلون لكن متى نرحل وكيف نرحل.. وعلى أي حال نرحل؟! 

 

لا أحد يعرف.. فهذا ما اختص به الله تعالى نفسه.. ولم يعط لأحد علمه.. يقول الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ".


لكن الأشد إيلامًا وفقدًا هو موت الفجأة الذي انتشر بكثرة هذه الأيام.. ويأتي بلا مقدمات.. واختلفت من حوله التفسيرات، لكنى أميل إلى ما قاله الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق بأن موت الفجأة مهمته تنبيه الأحياء ولا يعد علامة على سوء خاتمة الميت، فهو تنبيه لمن هو على قيد الحياة ليتعظ  بالميت ويقيّم أفعاله ويتقرب إلى الله بالطاعات ويترك المحرمات.

خطورة موت الفجأة


أما إمام الدعاة الشيخ الشعراوي فيقول إن الله سبحانه وتعالى لم يجعل للموت سببا ولا زمانًا ولا مكانًا ولا عمرًا، بل جعل أمره ليعلم المرء أن الله يريد أن يعيش الإنسان في الموت حتى لا يغفل عنه الإنسان لأن الآفة التي يعيشها الأغلب أنه ينسى الموت.


موت الفجأة من علامات الساعة لقول النبي الكريم: "إن من أمارات الساعة أن يظهر موت الفجأة، كما ورد عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ مَوْتِ الْفَجْأَةِ؟ فَقَالَ: «رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ، وَأَخْذَةُ أَسَفٍ لِلْفَاجِرِ».
 

فإذا لم يكن من الموت بدٌ فمن الغفلة أن ينسى الإنسان أنه ميت عاجلًا أو آجلًا؛ فمن عاش على شىء مات عليه فمن عاش حياته على فعل الطاعات والعبادة لله يختم الله له بالخاتمة الحسنة حتى وإن فعل بعض الزلات والمعاصى دون قصد منه وفقه الله إلى التوبة قبل الموت.


ومن الأولى أن يدعو المؤمن ربه بدُعاء رسُول اللّه صلّى اللّهُ عليْه وسلّم: «اللّهُمّ إنّي أعُوذُ بك منْ زوال نعْمتك، وتحوُّل عافيتك، وفُجاءة نقْمتك، وجميع سخطك».

 


خطورة موت الفجأة أن الإنسان لا يستطيع عند موت الفجأة أن يتوب من فعل المعاصى والذنوب التى كان يفعلها فى دنياه، أو أن يقضى ما عليه من حقوق فى رقبته للعباد أو لله تعالى، أو الاستزادة من فعل الخيرات والأعمال الصالحة.. اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لن من كل شر.

الجريدة الرسمية