ساخرون.. غراب البين يكتب: متعكننوش على الناس
بعد عناء يوم طويل من اللف والدوران قررت أريح جتتى ساعتين. وقفت على سور بلكونة الحاج ممدوح وانكمشت بين أجنحتى وقبل أن تغمض عيناى سمعت صوت حوار يأتى من المقهى أسفل البلكونة، نظرت إلى أسفل فرأيت طفلا يقوم بتوزيع بوسترات دعاية على زباين المقهى فعرفت سبب هذا الحوار المؤلم.
البوسترات كانت عبارة عن قائمة أسعار لأحد المطاعم التقطها أحدهم وبعد نظرة فاحصة وتنهيدة طويلة قال لصديقه: والله حاسس إنى نمت حوالى 20 سنة ولسه صاحى حالا.. إيه الأسعار دى يا عم خالد؟
خالد ومعه بوستر آخر ألقى عليه نظرة قال له: الأسعار دى ثلاث أضعاف زمان. فقال له الأول: زمان دا اللى هو من كام سنة يعنى؟! فرد عليه صديقه: يعنى من حوالى 4 أو 5 شهور كدا.. ضحك الأول وقال ساخرا: كيلو كباب إيه اللى بألف جنيه مع أن كيلو اللحمة بـ300 جنيه؟! فقال له الثانى: ما هو كيلو الكباب كان بـ300 جنيه لما كيلو اللحمة كان بـ 120 جنيه.. عموما ماتشغلش بالك إحنا كدا كدا لا بناكل لحمة ولا بناكل كباب.
وهنا أدركت أن الليلة دى مافيهاش نوم، وأنى اخترت مكان مش مناسب.. فوقفت على قدمى ونفشت ريشى وأخذت أنعق بأعلى صوتى “قاق قاق” فراح الاثنان ومعهم جميع رواد المقهى يهشوننى ويقولون لى: غور من هنا يا غراب البين جبتلنا النكد والفقر.. فهربت مسرعا قبل أن يحدفونى بأحجار الشيشة ولسان حالى يقول: بقا أنا اللى جبتلكم النكد والفقر يا شوية بنى آدمين أم أنكم من تنكدون على بعضكم البعض بمناسبة وبغير مناسبة؟!
يعنى إيه مطعم للحوم يوزع بوسترات دعاية على ناس شقيانة ويا دوب قاعدين على المقهى علشان يتنفسوا وينسوا الهم والشقاء؟! يعنى حضرتك كصاحب مطعم بالأسعار دى تقدر تقولى بتوزع بوستراتك على الناس الغلابة دى ليه؟! مش المفروض تختار جمهورك وزبائنك وتحترم مشاعر الناس؟! يا ريت بلاش تعكننوا على بعض.. ياخى جاتها ستين ألف نيلة اللى عايزة تخلف بنى آدمين زيكم مش بيحترموا شعور بعض!