الوقود النووي يفضح ازدواجية أمريكا!
أمريكا تواصل الخداع والكيل بمكيالين.. فبينما تقود العالم وخصوصًا أوروبا لفرض عقوبات مشددة على روسيا فإنها لم تقطع التعامل التجاري مع موسكو وتشتري منها الوقود النووي بنحو مليار دولار؛ لا لشيء إلا لأن الشركات الروسية تمتلك بنية تحتية مناسبة تخصيب اليورانيوم الذي يحتاج لبيئة عالية التخصص ومكونات تكنولوجية معقدة.
سلوك واشنطن ينطوي على براجماتية وميكيافيلية واضحة؛ فحين تدفع أوروبا ومن دار في فلكها لمواصلة فرض العقوبات رغم تضرر القارة العجوز التي عانت شعوبها شتاء قاسيا باردا بسب نقص إمدادات الطاقة والحبوب الواردة من روسيا وأوكرانيا بلدي النزاع المحتدم في هذه البقعة المتوترة من العالم..
دون أن نجد موقفا أوروبيا موحدا يرفض استمرار الدوران في فلك الولايات المتحدة أو يقول لواشنطن: كيف تطلبون منا المقاطعة وتنسون أنفسكم.. أم أنها لغة المصالح والسياسة التي تستحل الازدواجية ولا ترى في الشيزوفرينيا شيئًا معيبًا يستحق الخجل؟ والسؤال أيضا: هل أدت العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بسبب الأزمة في أوكرانيا النتائج المرجوة؟!
النفوذ الروسي
صحيفة أمريكان ثينكر American Thinker، قالت إنها كانت أكبر وأخطر سوء تقدير للغرب في التاريخ.. فلم تستطع تركيع روسيا كما توقع كثيرون.. بل العكس تماما هو ما حدث؛ فموسكو كسبت نفوذا وسلطة أكبر في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية مما كانت عليه منذ انهيار الاتحاد السوفيتي..
ونما اقتصادها بشكل أسرع حتى من اقتصاد ألمانيا وبريطانيا أكبر الاقتصادات الأوروبية التي لحقت بها خسائر مؤلمة؛ ذلك أنها لا تزال تعاني تضخما مرتفعا ونقصا في الطاقة، فإن الاقتصاد الروسي سينمو بشكل أسرع من الاقتصاد الألماني أو البريطاني.
عسكريا نجحت روسيا في حصد مكاسب عدة، خصوصًا في إنتاج منتجات دفاعية، كالمدفعية والذخيرة، بينما يعاني الغرب من نقص في الذخيرة بسبب الدعم غير المسبوق لأوكرانيا.
ولا يخف ما تحققه الدبلوماسية الروسية من نمو متزايد خاصة في أفريقيا وآسيا خلافًا لما يجنيه الغرب من إخفاقات وتدهور للمصداقية بسبب استعمار الماضي وسياسات الحاضر التي قد تفضي إلى فقدان الغرب نفوذه في الشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، حتى إن مثل هذه المناطق تجد نفسها مضطرة للتعاون مع شركاء آخرين مثل روسيا والصين وربما الهند..
وهي قوى تبذل جهودًا كبيرًا لإثبات الوجود وتحقيق النفوذ في هذه البقعة الهشة المضطربة من العالم وتسعى لخلق نظام دولي جديد متعدد الأقطاب يزحزح أمريكا عن عرشها السياسي والعسكري والاقتصادي شيئًا فشيئًا عبر كيانات وتنظيمات تشق طريقها بقوة مثل منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة بريكس.
سلاح العقوبات سلاح ذو حدين ولعله أثبت فشله في حالة روسيا.. حتى يمكن القول إن السحر انقلب على الساحر؛ فقد نتج عن ضغط العقوبات على روسيا إلى زيادة أسعار الكهرباء والوقود والمواد الغذائية في أوروبا والولايات المتحدة.. ولم تحقق سياسة احتواء وإضعاف روسيا الغاية المرجوة بل لا نبالغ إذا قلنا إن العقوبات وجهت ضربة قوية للاقتصاد العالمي برمته ودهورت حياة الملايين من الناس حول العالم لا سيما في البلدان النامية أو الضعيفة..