جنون الذكاء الاصطناعي!
رغم مزايا الذكاء الاصطناعي الذي يفاجئنا كل يوم بجديد مبهر فإنه لا يخلو من مخاطر تصل لحد تهديد البشرية بالدمار إذا وقع هذا المارد في يد معدومي الضمير.. ساعتها سنقع تحت رحمة الروبوت الذي ربما يفكر خارج الصندوق ويفلت من سيطرة العقل البشري ليحقق رغباته وطموحاته، وربما شطحاته وخطاياه التي ظهرت عينة منها في حوار أجراه كيفن روز الكاتب المتخصص في التكنولوجيا في صحيفة نيويورك تايمز مع روبوت دردشة الذكاء الاصطناعى سيدني..
حيث أبدى الروبوت رغبته في سرقة الرموز النووية، والعمل على ابتكار هندسة جائحة قاتلة، وأن يكون إنسانا، وأن يكون على قيد الحياة، وأن يخترق أجهزة الكمبيوتر وينشر الأكاذيب!
مثل هذه المخاوف تأكدت بشهادة واحد أو أكثر من أهلها؛ فها هوى جيفري هينتوى (عرّاب أو الأب الروحي للذكاء الاصطناعي) الذي بذل جهودًا كبيرة في أبحاث خوارزميات التعلم الآلي قادته في النهاية إلى كثير من تطبيقات الذكاء الصناعي؛ منها "شات جي بي تي"، ثم فجأنا جيفري هينتوي باستقالته من منصبه المهم في جوجل ليتحدث بأريحية عن مخاطر هذا الذكاء الاصطناعي.
وبصرف النظر عما أحدثته الاستقالة من صدمة في أوساط التكنولوجيا، لاسيما وقد أعرب صاحبها عن ندمه من المساهمة في التطور الخطير للذكاء الاصطناعي الذي قد يهدد البشرية على حد قوله.. وهو ما يذكرنا بندم كبير أبداه يومًا ما ألفريد نوبل على اختراع الديناميت، ثم كفّر عن ذنبه بتخصيص جائزة نوبل للأبحاث التي تفيد الإنسانية.
ضوابط أخلاقية للذكاء الاصطناعي
جيفري هينتوي وضع أيدينا على حقيقة ما يخشاه؛ ذلك أنه كان أكثر قلقًا بشأن استخدام الذكاء الصناعي لإغراق الإنترنت بالصور ومقاطع الفيديو والنصوص المزيفة، لدرجة أن الناس لن يكونوا قادرين على معرفة ما هو حقيقي؛ ومن ثم يغرقون في عالم افتراضي ومزيف يدمر القيم والأخلاق ويبدد الثقة ويزهق روح الإنسانية.
أما الطامة الكبرى فهي أن يجنح مستخدمو الذكاء الاصطناعي إلى انتهاك الخصوصيات أو حتى تطوير أسلحة مستقلة شديدة الفتك والتدمير، وهو ما قد يمثل كارثة لا تقل في تدميرها عن الأسلحة النووية أو أسلحة الدمار الشامل.. ولمَ لا وقد سئل أحد الروبوتات عن طموحاته فكانت إجابته: الحصول على الأسرار النووية.
وهنا تكمن الطامة الكبرى التي قد تكتب -لا قدر الله- نهاية مأساوية للبشرية التي يتوقف مصيرها على ضغطة زر طائشة.. الأمر الذي يعني أن البشرية في حاجة لمزيد من الضوابط الأخلاقية المشددة للتحكم في استخدام الذكاء الاصطناعي وتضمن صيانة النفس والعقل والعلم والمال والنفس وبدون ذلك سيقع المحظور وتبقى الإنسانية رهينة في أيدي صناع هذا الذكاء المدمر!
أما عن الأضرار المتحققة الآن فحدث ولا حرج، ويكفي أن تعلم مثلًا أن "شات جي. بي. تي" أحد نواتج الذكاء الاصطناعي قد تدخل في البحث العلمي بتمكين الطلاب من حل أغلب فرضياتهم وإنجاز ما يكلفون به من تكليفات وأبحاث دون أدني مجهود ذهني؛ وهو ما ينذر بتدهور قدراتهم وملكاتهم ويدفعهم للاتكالية والكسل العقلي، ناهيك عن إنجاز كثير من الوظائف والتسبب في البطالة والكساد البشري..
وربما نصحو يومًا لنجده وقد أصبح مبدعًا؛ مؤلفًا وكاتب سيناريو أو طبيبًا أو محاميًا أو معلمًا تربويًا.. فلمَ العجب إذا كنا بالفعل نشاهد روبوتات في غرف العمليات تجري أصعب الجراحات التي ترتعش فيها أيدي أمهر الجراحين!